تلقى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مساء الاثنين، وللمرة الثانية خلال أسبوع مكالمة هاتفية من نظيره الأميركي جو بايدن، بحثا خلالها مستجدات الوضع في الساحة الإقليمية وخاصة ملفي سد النهضة وليبيا.
ووصف مراقبون المحادثات الهاتفية بأنها مؤشر على تحسن ملحوظ بين الإدارتين ويعكس رغبة مشتركة للتعاون الاستراتيجي.
ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في نيويورك، الدكتور ماك شرقاوي، أن العلاقات المصرية الأميركية تمر بأفضل مراحلها في الوقت الراهن.
وقال إنه عقب فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية نهاية العام الماضي، كان متوقعاً أن تشهد العلاقات مرحلة جيدة من التفاهم والتعاون الاستراتيجي أفضل مما كانت عليه في السابق.
كسر الجمود
وتوقع شرقاوي في تصريحات لـموقع "سكاي نيوز عربية" أن العلاقات بين البلدين ستشهد مزيدا من التافهمات والتعاون الاستراتيجي خلال الفترة المقبلة، موضحا أن الرئيس بايدن شخص هادىء ويتصرف بطريقة "برغماتية"، ولا يمكن أن يكون منحاز لقضية أو أشخاص تختلف مع مصالحه.
وأوضح شرقاوي أن الأشهر الماضية شهدت "علاقة فاترة" بين مصر وأميركا، مشيراً إلى أن المكالمة الهاتفية الأولى بين الرئيسين كانت مطلع الأسبوع الجاري بغرض المناقشة حول الأوضاع في غزة.
وكانت تهنئة من جانب الرئيس بايدن لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي على نجاح الجهود المصرية في حلحلة الأزمة ووقف إطلاق النار في غزة، والدخول في الهدنة، وبدء مفاوضات مباشرة بين الإسرائيلين والفلسطنيين، مؤكداً أن الجهود التي نفذتها مصر بهذا الصدد يشهد بها العالم كله وهي محل تقدير من الجميع.
سد النهضة وفلسطين.. أبرز الملفات
وأوضح شرقاوي أن المكالمة الثانية التي تمت مساء الاثنين، ركزت على 4 ملفات رئيسية، الأول هو أزمة غزة ومصير المفاوضات وضمان عدم التصعيد مجدداً، والثاني، هو تسريع إجراءات تقديم المساعدات الأميركي إلى قطاع غزة، والثالث، هو ملف سد النهضة، مشيراً إلى التطور الكبير في موقف واشنطن بخصوص هذه القضية الهامة بالنسبة للقاهرة، خاصة أن بايدين لم يدلي مسبقاً بأي تصريحات في هذا الصدد،
لكن اليوم نشهد تطور كبير في موقف الرئيس نفسه الذي أكد أن الولايات المتحدة ستعمل على حفظ الأمن المائي المصري. وهذا يعد تطور كبير، كما يقول المحلل السياسي المصري.
وتوقع شرقاوي أن تشهد الأيام القليلة المقبلة ضغطا أميركيا على أثيوبيا لحلحلة الأزمة والتوصل لحل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
مزيد من التعاون
ومن جانبها، توقعت الدكتورة داليا زيادة رئيس المركز المصري للدراسات الديموقراطية، أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون في الملفات الاستراتيجية الهامة بين القاهرة وواشنطن.
وقالت زيادة "إن المكالمة الثانية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي في أقل من أسبوع، إثبات أخر على أن مصر حليف لا يمكن لواشنطن الاستغناء عنه رغم أنف المغرضين، وأن مسألة انسحاب أمريكا من الشرق الأوسط كان قرار خاطئ".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد كتب في وقت سابق على حسابه الرسمي بموقع تويتر: "سعدت اليوم بحديثي المطول مع فخامة الرئيس بايدن، الذي اتسم بالتفاهم والصراحة والمصداقية في كافة الموضوعات التي تهم البلدين والمنطقة".
وأضاف: "أود أن أؤكد أن الرئيس بايدن يتمتع برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية في كافة الملفات، بما فيها ملف العلاقات الثنائية، وأجد أنه قادر بامتياز بحنكته وخبرته، على أن يصنع حلولا جذرية لكافة المشاكل والتحديات التي تحيط بالعالم والمنطقة، داعيا من الله أن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق والسداد".
من جانبه، أوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، أن السيسي تلقى مساء الاثنين، اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي، تناول "تبادل الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن التباحث حول موضوعات علاقات التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة".
وخلال الاتصال، تم التباحث حول "مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام في أعقاب التطورات الأخيرة، فضلا عن دعم تثبيت هدنة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بوساطة مصرية ودعم أميركي كامل، والجهود الدولية الرامية لإعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الملحة لها".
وتناول الاتصال آخر مستجدات القضية الليبية؛ حيث تم التوافق في هذا الإطار على "أهمية العمل على استعادة توازن أركان الدولة الليبية واستقرارها، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وصولا إلى الاستحقاق الانتخابي بنهاية العام الحالي".
وأشاد بايدن "بالجهود المصرية الحثيثة تجاه القضية الليبية، التي عززت من مسار العملية السياسية في ليبيا".
وذكر المتحدث الرسمي، أن الاتصال تناول كذلك "تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالي لملف سد النهضة"؛ حيث رحب السيسي بالجهود الأميركية المتواصلة في هذا الصدد.
كما أكد على "تمسك مصر بحقوقها المائية، من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد".
وأوضح بايدن "تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لتلك القضية للشعب المصري"، مشيرا إلى عزمه "بذل الجهود من أجل ضمان الامن المائي لمصر".