رغم تزايد الدعوات العربية والدولية لوقف إطلاق النار، طوال مدة المواجهات العسكرية بين حماس وإسرائيل، لم يقبل أي منهما وقف إطلاق النار بسهولة، ومع نهاية اليوم الحادي عشر للتصعيد المتبادل، وافق كلاهما على المقترح المصري بالتهدئة دون شروط، فما الذي دفع إسرائيل التي رفضت التهدئة مرارا لقبولها في هذا التوقيت؟
تقول مصادر مطلعة على مباحثات التهدئة، لـ"سكاى نيوز عربية" إنه تم تركيز التشاور في الساعات الأخيرة حول موعد بدء سريان وقف إطلاق النار، بعد تحديده، وتم بحث سبل إلزام الطرفين به، وذلك بعد النفي المتكرر لقبول الهدنة من جانب إسرائيل وحماس أثناء إجراء الوسطاء اتصالات مكثفة معهما.
وأوضحت المصادر أن المقترح المصري للتهدئة تضمن وقف إطلاق النار في الثانية من صباح الجمعة، ورهن الوسطاء الالتزام به باستئناف النقاش بشأن التفاصيل والنقاط محل الخلاف في اتفاق التهدئة قصيرة وطويلة الأمد المنتظر التوصل إليها، تمهيدا لهدنة طويلة الأجل وبدء مفاوضات "حل الدولتين".
أسباب موافقة إسرائيل
وأكدت المصادر أن عوامل عديدة أسهمت فى دفع إسرائيل إلى قبول التهدئة، أبرزها تحقيق الحملة العسكرية على غزة معظم أهدافها، وتزايد الضغوط العربية والدولية عليها، خصوصا الجهود المصرية، مع قرب نفاذ الدعم الأميركي لموقفها فى مجلس الأمن بعد تصدى واشنطن 4 مرات للحيلولة دون صدور قرار بوقف إطلاق النار.
وتابعت المصادر أن بعض الأهداف الإسرائيلية مثل تدمير بنية الصواريخ والأنفاق مرصودة استخباراتيا قبل بدء الاعتداءات على قطاع غزة، وأُضيف إليها أهداف جديدة رصدتها أقمار صناعية وأجهزة أمنية مع بدء المواجهات مع حماس.
وأضافت أن إسرائيل استهدفت بالأساس "البنية التحتية لتجميع وتصنيع الصواريخ ومخابئ القيادة والسيطرة" التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية لشن عملياتها ضد إسرائيل من غزة، فضلا عن الأهداف المعلنة بشأن استهداف "صواريخ جاهزة ومُصنعة"، وضرب أنفاق التهريب وقادة الفصائل الفلسطينية.
الدور المصري
وقبيل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار، صباح الجمعة، توجت المساعي المصرية من أجل التهدئة بتوافق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي مساء الخميس على تعزيز التشاور والتنسيق المتبادل بين الأجهزة المختصة في البلدين لاحتواء تصعيد الموقف.
وأعرب الرئيس الأميركي عن تقديره لدور مصر في وقف العنف، وقبل يومين كان بايدن قد طلب من نتانياهو تحديد موعد لوقف إطلاق النار، ما مثل مؤشرا لضغط أميركي على إسرائيل لقبول مقترح التهدئة المصري.
ومن جهته أكد الرئيس السيسي لنظيره الأميركي على موقف مصر الثابت بالتوصل إلى حل جذري شامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته، ومن ثم انهاء حالة العنف والتوتر المزمنة في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار بها.
ووصف اللواء عادل العمدة، الخبير الاستراتيجي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، التوافق المصري والأميركي بأنه تأييد من الإدارة الأميركية للتحركات المصرية في التهدئة، حفاظا على استقرار المنطقة ومصالح البلدين الاستراتيجية.
وأكد العمدة، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية، أن الدولة المصرية تري أن محاولات "فرض الأمر الواقع"، لم تحقق سوى مزيد من عدم الاستقرار، وهو ما لا ترغبه القاهرة، لافتا إلى حرص مصر على دعم استقرار كافة دول المنطقة، خصوصاً دول الجوار، باعتبارها جزء من الأمن القومي المصري.
خسائر إسرائيل
وأكدت المصادر أنه لا يجب إغفال العامل الاقتصادي وارتفاع تكلفة التصعيد العسكري ضد غزة والخسائر الاقتصادية الناتجة عن الحرب، في اتخاذ نتانياهو قرار قبول التهدئة.
ولفتت المصادر إلى حرص قادة إسرائيل على عدم تفكك الجبهة الداخلية، خاصة تعطل مظاهر الحياة اليومية في المدن الإسرائيلية التي كانت تصلها الصواريخ المنطلقة من غزة، فضلا عن توقف حركة الطيران بما يمثله من إرباك للاقتصاد وحركة السفر من وإلى إسرائيل.