تواجه الخطة الحكومية العراقية، بشأن حل أزمة مخيم الهول السوري، تعقيدات كبيرة، بسب الرفض الحاصل لإعادة النازحين من الأوساط المجتمعية، وسط مطالبات بإيجاد حلول أخرى للأزمة الدولية.
ومع وصول رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى منصبه في مايو الماضي، أوعز بحل أزمة المخيم، وإيجاد صيغة ملائمة لإنهاء خطره المتفاقم على العراق، بالتعاون مع الحكومة السورية، وقوات سوريا الديمقراطية، فضلاً عن دعم دولي من واشنطن والأمم المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.
ويقدم خبراء أمنيون ومحللون ثلاثة سيناريوهات لحل أزمة مخيم الهول، بعد تفاقم مخاطرة، وتحوّله إلى بؤرة لإنتاج العناصر المتطرفة.
نقلهم إلى داخل العراق
ويرى الخبير العسكري المتقاعد الدكتور عياد الطوفان، أن "العائلات العراقية تشكل ثلث الساكنين في المخيم، وكلما طال وقت مكوثهم، اتسع المأزق وتفاقمت المخاطر منهم، لذلك الحل الوحيد هو جلبهم إلى داخل العراق في مناطق صحراوية وتهيئة 10 – 15 معسكراً، وعدم إسكانهم في مخيم واحد، ليبدأ بعد ذلك برنامج واسع لإعادة التأهيل، والاستفادة من تجارب بعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، في مواجهتها للإرهاب والتطرف".
وأضاف الطوفان لـ"سكاي نيوز عربية" أن "تلك المعسكرات يجب أن تكون بإشراف عراقي، بمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وبذلك نستطيع إعادة تأهيلهم وغسل أدمغتهم بالحق، كما غسلها داعش بالباطل، حتى يصبحوا بعد عدة سنوات، أفراداً صالحين، ثم يعودوا إلى مناطق سكناهم".
ومنذ عدة أشهر تسعى الحكومة العراقية، إلى إيجاد صيغة ملائمة لإنهاء الخطر القادم من مخيم الهول، لكن أغلب الخطط المطروحة واجهت رفضاً من بعض الأطراف، بداعي المخاوف من عودة المتطرفين.
وقال القيادي في الحشد الشعبي معين الكاظمي، الثلاثاء، إن هناك ضغوطا دولية أجنبية على العراق لإدخال ذوي الدواعش في مخيم الهول إلى العراق.
وأضاف الكاظمي في تصريح صحفي، أن "هناك رغبات لدى بعض السياسيين للاستفادة انتخابياً بإدخالهم إلى داخل الأراضي العراقية بحجة إعادة تشخيصهم"، مشيراً إلى أن "هناك ضغوطاً من قبل بعض الدول الاجنبية ومنها الولايات المتحدة الاميركية لإدخال هذه المجاميع الداعشية الى العراق تحت عنوان حقوق الإنسان".
ويستضيف المخيم، الأكبر في سوريا والذي تديره قوات كردية، نحو 62 ألف شخص، أكثر من 90% منهم نساء وأطفال، وفق الأمم المتحدة.
لا حل بيد العراق
من جهته، يرى المحلل الاستراتيجي، فاضل أبو رغيف، أن "العراق ليس بيده حل في الوقت الحاضر، فهو بحاجة إلى دعم دولي واسع، لبناء مخيمات كبيرة عند الحدود العراقية، ومحققين، وجلسات قضائية، وهو ما يستلزم رصد أموال كبيرة".
ويرى أبو رغيف خلال حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن "جلبهم إلى العراق يمثل مأزقاً كبيراً، وتأزيماً للأوضاع الداخلية، ويشكل تهديداً مستقبلاً على العراق، بسبب نزعة التطرف التي تكونت لديهم، والأفكار الراديكالية".
وخلال السنوات الماضية، لم تسع الحكومات العراقية المتعاقبة إلى حل أزمة المخيم، على رغم وقوعه قرب حدود بلادها، وهروب عناصر من التنظيم لأكثر من مرة.
ويقول مسؤول في وزارة الهجرة العراقية، إن "الخطة المعدة تقضي بإخلاء المخيمات الحالية من نازحي الداخل، وهو ما حصل خلال الفترة الماضية، لإحلال ساكني مخيم الهول مكانهم وفق خطة دقيقة أعدتها عدة أجهزة عراقية بالتعاون مع عدة دول".
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته لـ"سكاي نيوز عربية" إن "الرفض الحاصل من بعض الأطراف ربما يكون مفهوماً لكن الحلول أمامنا محدودة، إذ من المقرر أن تمضي الخطة خلال عدة أشهر، ولا علاقة لها بمسألة الانتخابات".
الخبير في الشأن العراقي رمضان البدران، يطرح سيناريو يتكون من 6 محاور، حيث يرى تطبيقها قبل عودتهم إلى العراق.
وقال البدران إن "الخطة يجب أن تبدأ من العوامل النفسية والاجتماعية، والجنائية والقانونية، والاقتصادية والسياسية، لتبدأ بعدها رحلة نقلهم إلى العراق، مع مراعاة تلك الجوانب، وفرز الأشخاص، وفق تصنيفات محددة، فمنهم المتورط بأعمال الإرهاب، ومنهم من التحق اجتماعياً بحملة هذا الفكر، مع اتخاذ إجراءات مناسبة لكل واحد منهم".
ويرى البدران في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الملف بحاجة إلى دراسة واضحة وواقعية، تراعي مختلف الجوانب، لتفادي أية مشكلات قد تنجم عن تنفيذ الخطة، فهناك من يجب ترحيله إلى بلاده، وهناك آخرون ربما يُدمجون في بلدان أخرى، وهو أحد السيناريوهات المطروحة".
وأنشئ المخيم في أعقاب حرب الخليج في تسعينيات القرن الماضي، من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بلدة الهول، بالتنسيق مع الحكومة السورية.
وتقع البلدة شرقي محافظة الحسكة السورية، وتخضع حالياً لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي.
وبعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، سيطر مسلحو تنظيم داعش على بلدة الهول بسبب أهمية موقعها الاستراتيجي، وأصبحت معقلاً مهماً لعناصر التنظيم، قبل طردهم.