استقبل الجزائريون قرار مجلس الوزراء بإعادة فتح الحدود الجوية والبرية بكثير من الترحيب، وبارك رواد مواقع التواصل الخطوة التي من شأنها التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والنفسية التي يعانيها المواطنون، خاصة المغتربين في الخارج.
والأحد وافق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قاد اجتماعا لمجلس الوزراء، على الفتح الجزئي للحدود بدءا من أول يونيو المقبل، على أن تكون البداية بمعدل 5 رحلات يوميا من وإلى مطارات الجزائر العاصمة وقسنطينة ووهران.
وأصدرت رئاسة الجمهورية بيانا أوليا في الموضوع، ومن المنتظر أن يصدر بيان تفصيلي بشأن الفتح الذي سيتم في ظل التقيد التام بالإجراءات الصارمة ضد كورونا.
وترأس تبون مجلس الوزراء لمناقشة العديد من القضايا، وكان أبرزها إعادة فتح الحدود المغلقة منذ مارس 2020 لكبح انتشار "كوفيد 19"، باستثناء رحلات الإجلاء والتراخيص الاستثنائية للعمال الأجانب.
وتزامن القرار مع تصاعد الأصوات المطالبة بفتح الحدود، خاصة من قبل الجاليات التي طلبت من تبون إعادة فتح الحدود للتخفيف من معاناة الجزائريين في الخارج، بعد تعطل مصالحهم وحياتهم بسبب قرار الغلق.
وتحول الإغلاق إلى كابوس في حياة آلاف الجزائريين العالقين في الخارج، أو الذين يرغبون في السفر سواء للعلاج أو الدراسة أو العمل.
وكان وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد، قد أشار إلى اعتماد اللجنة العلمية معايير السلامة مقابل السماح للجزائريين بدخول البلاد.
تحذير من التحايل
من الناحية الطبية، أكد رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك البروفيسور محمد يوسفي على أهمية القرار.
وقال يوسفي: "الجميع استقبل القرار بارتياح، خاصة الجزائريين العالقين في الخارج أو الذين يريدون السفر إلى الخارج، وهو قرار من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ويقلل الأعباء عن المتعاملين الاقتصاديين".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الخطوة ضرورية الآن لكن بشرط احترام البروتوكول الصحي احتراما صارما"، مضيفا: "لاحظنا في شهر فبراير مع استئناف رحلات العالقين والأجانب، إهمال إجراءات السلامة، مما أدى إلى دخول السلالات المتحورة".
كنا أشار الطبيب إلى أن "السلطات الجزائرية في ذلك الوقت كشفت عن عمليات تحايل وعدم احترام البروتوكول من طرف بعض المسافرين الذين جاؤوا إلى الجزائر بتحاليل (بي سي آر) مزيفة".
وقال: "كانت هناك 3 رحلات بمعدل 900 مسافر يوميا، والبعض كان يقدم تحليلا مزيفا بالاستعانة بالمخابر التي تمارس النصب، وهو الأمر الذي دفع بالجزائر لتعديل البروتوكول هذه المرة وفق المعايير الدولية الصارمة".
ويصف يوسفي الوضع الوبائي في الجزائر بـ"المستقر"، بعدما كان هناك تخوف منذ شهرين حيث ارتفعت معدلات الإصابة، والآن تشهد البلاد حالة استقرار عند أقل من 200 حالة يوميا، وهذا الأمر الإيجابي هو ما أعطى الضوء الأخضر للسلطات الرسمية لاتخاذ قرار إعادة فتح الحدود.
الحالة الوبائية تتحسن
من جهة أخرى، أرجع رئيس عمادة الأطباء في الجزائر عضو اللجنة الوطنية لمتابعة فيروس كورونا البروفيسور بقاط بركاني، هذا القرار إلى تحسن الحالة الوبائية التي تعيشها الجزائر، والدول الأوروبية خاصة.
وقال بقاط لموقع "سكاي نيوز عربية": "الوضعية في الجزائر تصنف في خانة الجيدة، مع تحسن الحالة الوبائية في البلدان الأخرى مثل فرنسا، التي تشهد تراجعا في عدد الإصابات بنسبة 80 بالمئة، وذلك بعدما تلقى أكثر من 20 مليون فرنسي الجرعة الأولى من اللقاح".
وأكد رئيس عمادة الأطباء أن خطوة إعادة فتح الحدود "قرار سياسي بالدرجة الأولى جاء بناء على توصيات الأطباء"، مشيرا إلى أن تطبيق البروتوكول الصحي يجب أن يخضع لمعايير صارمة كما هو معمول به في عدة مطارات حول العالم، خاصة فيما يتعلق باختبار "بي سي آر" وتوفير الفنادق المخصصة للحجر الصحي في حال ثبوت إصابة المسافر بـ"كوفيد 19" عندما يصل إلى الجزائر.
وأعطى مجلس الوزراء مهلة 15 يوما لتنظيم رحلات العودة، على أن تكون المهمة من صلاحيات القنصليات الجزائرية بالتنسيق مع الخطوط الجوية الجزائرية.
وفي سياق متصل، أوضح الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن قرار فتح الحدود "يأتي لتسيير أعمال المواطنين، وهو قرار إنساني بالدرجة الأولى سيستفيد منه الجزائريون والأجانب على حد سواء".
وأشار بريش إلى أن "الاقتصاد الجزائري تضرر كثيرا نتيجة تقييد حركة السفر والنقل الجوي النشاط التجاري والاقتصادي، كما تقلصت أرباح شركات الخطوط الجوية الجزائرية التي تواجه الإفلاس".
وتابع الخبير الاقتصادي: "البلاد تكبدت خسار كبيرة خلال أكثر من سنة، وهي بحاجة اليوم إلى إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية والسماح لأصحاب للشركات بالتنقل وعقد الصفقات والتفاوض مع الشركاء الأجانب وخلق فرص العمل".
وتسعى الجزائر للتقليل من وتيرة تداعيات وباء كورونا تدريجيا، حيث يوصف الخبراء المرحلة الحالية بـ"فترة الخروج من الأزمة الصحية والتكيف الاقتصادي مع الجائحة".