عقد المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيش، جولات أوروبية ومباحثات إقليمية وعربية خلال الفترة الماضية، قال خبراء إنها تأتي لإفشال أية محاولات من بعض الفصائل السياسية لتأجيل الانتخابات والإبقاء على تواجد القوات الأجنبية.
وخلال الشهر الحالي والماضي أجرى كوبيش مباحثات مع مسؤولين في فرنسا والولايات المتحدة ومصر وألمانيا وتونس والجزائر، كان آخرها زيارة قام بها إلى روما، حيث عقد مباحثات مع مسؤولين رفيعي المستوى لمناقشة سبل تعزيز عملية السلام في ليبيا، ومدى الالتزام بوقف إطلاق النار وخارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وعلق خبراء سياسيون على المباحثات باعتبارها حشد دولي وإقليمي لضمان إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها دون تأجيل، واصفين ما يفعله المبعوث الأممي بمحاولة أن يكون سابقا بخطوة لأية محاولات تعطل العملية السياسية في البلاد.
من جانبه، قال المحلل السياسي الإيطالي المختص بالشأن الليبي، دانيال ريفنيتي، إن زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة يان كوبيش إلى إيطاليا في هذا التوقيت تأتي لمناقشة الأزمة الليبية وآخر التطورات، باعتبار أن إيطاليا من الدول المتأثرة بما يجري في "الجارة الليبية".
وأضاف في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك "بعض الأحزاب والقوى السياسية التي تحاول عرقلة تنظيم الانتخابات المقرر عقدها في ديسمبر المقبل"، مشيرا إلى أن هذا الأمر كان محورا رئيسيا في مناقشات كوبيش مع المسؤولين الإيطاليين.
وأكد أن المجلس الرئاسي والحكومة الليبية الجديدة جاءت خصيصا من أجل تنظيم الانتخابات في ديسمبر، وشدد على أن حكومته ملتزمة بذلك أمام المجتمع الدولي والشعب الليبي، وأن هذا يعتبر "أولوية"، فيما سيكون هناك رقابة دقيقة من المجتمع الدولي.
وأوضح ريفنيتي أن إيطاليا "ستقوم بكل شيء من أجل دعم المجلس الرئاسي والحكومة في تنظيم الانتخابات، وفي حالة عدم تنظيم الانتخابات فأعتقد أن هناك بعض الإجراءات ستتخذ بالتنسيق مع الأمم المتحدة".
وأشار إلى أن القضية الليبية لها أهمية كبيرة من قبل حكومته، مذكرا بأول زيارة قام بها رئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو دراغي خارج البلاد، والتي كانت إلى ليبيا، لإظهار الدعم للمجلس الرئاسي الجديد وحكومة عبدالحميد الدبيبة، باعتبار أن إيطاليا "قلقة أيضا" من تفاقم الأزمة الليبية.
ومن زاوية أخرى، أكد الباحث السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري أن هناك فصائل سياسية "بات واضحا للجميع أنها تحاول إسقاط العملية السياسية في البلاد".
وأشار الفيتوري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأمم المتحدة بصفتها الراعي الرسمي للمصالحة الوطنية "كان لا بد أن تقف أمام مسؤوليتها لدحض هذه المحاولات"، مشيرا إلى أن الجولات التي يقوم بها كوبيش الآن قد تكون "ورقة الضغط الأكبر" على القوى السياسية الساعية لعرقلة المسار السياسي في البلاد.
وأكد الفيتوري أن كوبيش أصبح "يلمس نوايا بعض الفصائل السياسية والميليشيات بشأن وضع عراقيل وأزمات واستخدام قوة السلاح لفرض بعض الأمور، وذلك بغرض إفشال الحوار والمصالحة الوطنية".
وأوضح الفيتوري أن البيان الأخير لخمس دول أوروبية والولايات المتحدة بشأن حتمية إجراء الانتخابات، قد يكون نتاج هذه المباحثات والجولات التي يقوم بها كوبيش، إذ شدد البيان على ضرورة إجراء الانتخابات والتمسك بالعملية السياسية والمسار الذي حددته مخرجات الحوار الوطني.
وأكمل الفيتوري أن كوبيش همزة الوصل بين ليبيا والعالم الخارجي، وأن الدول الأوروبية ترسم مسارات تعاملها مع الأزمة السياسية في ليبيا عن طريقه، مشيرا إلى أن المبعوث الأممي أدرك الآن نوايا البعض تجاه المصالحة، الأمر الذي استدى منه ضرورة التحرك للضغط لتنفيذ مخرجات الحوار والمصالحة.
وأكد الفيتوري أن التغييرات التي طرأت على السياسية الأميركية مؤخرا تجاه ليبيا بعد إعطاء صلاحيات أكبر لسفيرها وإقرار قانون "استقرار ليبيا" قد تكون بتنسيق وطلب من كوبيش.
وعلى نفس الجانب، قال المحلل السياسي الليبي سلطان الباروني، إن هناك فصائل سياسية رتبت عراقيل وأزمات لتعطيل سير العملية السياسية، خدمة لمصالحها هي وحلفائها.
وأضاف الباروني لسكاي نيوز عربية، أن هناك "قوى سياسية أيقنت أنها بلا شعبية وأن إجراء الانتخابات سيطيح بها تماما من العملية السياسية في البلاد"، مؤكدا أن "الحل الأنسب" لهذه التنظيمات هو "العمل على إغراق ليبيا في فترة انتقالية طويلة".
وأوضح الباروني أن جولات كوبيش، وبيانات الدول المعنية بالأزمة الليبية، تؤكد أن المبعوث الأممي يتحرك في كافة الاتجاهات لإتمام العملية السياسية، والمسار الذي رسمته مخرجات الحوار في ليبيا.