لم تعد جماعة الإخوان محل قبول من قبل الشعوب، لا سيما بعدما خبر الناس سيطرة التنظيم على مفاصل الدولة، فأصبح التواري عن الأنظار ومحاولة التخفي وارتداء عباءة غير عباءة الدين وخلطه بالسياسة، السبيل الوحيد للجماعة من أجل إعادة إنتاج نفسها مرة أخرى.
قبل أيام، أعلنت جماعة الإخوان في ليبيا تحول اسمها إلى جماعة "الإحياء والتجديد"، في مناورة سياسية باتت مفضوحة لم تنطلي على المواطن العربي.
ومنيت الجماعة بهزائم في ليبيا، على الرغم من الدعم السخي الذي أغدقته تركيا، ولذلك، أعلنت الجماعة خروجها عن التنظيم الدولي للإخوان وعدم اتباعها لقرارات مجلس شورى الجماعة.
تغيير جلد الأفعى
يقول نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية والمتحدث الرسمي باسم قبيلة الدرسة، إدريس ونيس الدرسي، إن الأمر ليس سوى تغيير لجلد الأفعى، مؤكدا أنها محاولة خداع إخوانية جديدة ساذجة ومفضوحة، لكنهم نسوا أنهم كانوا قد أعلنوا حل أنفسهم في شهر أكتوبر الماضي، بعد الاستقالات الصورية الجماعية لإخوان مصراته والزاوية.
وأضاف الدرسي لموقع "سكاي نيوز عربية"، "هي محاولة للتنصل من الجرائم التي اقترفتها الجماعة بحق الشعب الليبي والشعوب العربية، والتظاهر بالتغيّر بلبس قناع جديد قد يظهرهم في صورة جديدة قبل الانتخابات والظهور باسم جديد، فهم أصبحوا مثل الشركات الرأسمالية عندما تصل لحالة الإفلاس تغير اسمها حتى تتخلص من الملاحقة القضائية".
وألمح الدرسي إلى أن التقارب المصرى التركى وصمود القيادة المصرية فى موقفها الثابت من كل ما يهدد الأمة العربية والحديث عن خروج الأجانب المرتزقة من ليبيا، يشكل ورقة ضغط كبيرة على الجماعة الإخوانية.
واستطرد "أعتقد أن جماعة الإخوان عمدت إلى تشكيل كيانات سياسية جديدة تحت مسميات جديدة يتصدرها قيادات من الصف الثاني والثالث غير معروفين للشارع العام، مع إدماج شخصيات عامة أو شخصيات متسلقة تتطلع إلى الوصول الى مناصب بالدولة، أو الدفع بشخصيات مغمورة يسهل شراؤها وتوجيهها، وذلك لخوض غمار الانتخابات للتأثير على السياسة العامة للدولة بما يخدم مصالح جماعة الإخوان".
التفاوض المصري التركي وإخراج المرتزقة
بدأت بالفعل مشاورات سياسية بين مصر وتركيا في العاصمة المصرية القاهرة، برئاسة حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية المصري، وسادات أونال نائب وزير الخارجية التركي.
ومن ضمن ماطرح عدد من الملفات الهامة على طاولة التفاوض تسوية الخلافات الحاصلة في ليبيا لتكون خطوة أولى من أجل عودة العلاقات المصرية التركية مرة أخرى للتطبيع في كافة المجالات بعد قطيعة استمرت نحو 7 سنوات.
بدا واضحا أن تحرك جماعة الإخوان في ليبيا ليس إلا خطوة استباقية بعد تجرديها من كافة أدواتها، وانسحاب تركيا من الدعم غير المحدود للجماعة هناك، لذا تبدو تلك الخطوة تراجعا وليست مراجعة.
براغماتية إخوان ليبيا
وفي هذا الصدد، يقول عبد الحكيم معتوق، الكاتب والمحلل السياسي الليبي، إن تغيير اسم جماعة الإخوان في ليبيا ليس إلا مجرد مناورة سياسية براغماتية مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية في ليبيا نهاية العام الجاري.
وقال الباحث "إذن نحن أمام تغيير سطحي وليس إزاء تغيير في الأفكار، لأن القيادات الموجودة حاليا، سواء في الصفوف الأولى أو الصفوف المتأخرة من ترتيب القيادات، لديها تشبع بفكر الإخوان وسيد قطب.
وأضاف معتوق في تصريح خاص "يبدو واضحا أن الجماعة أدركت أن خسارتها باتت أمرا محققا".
وأضاف "منسوب الوعي في الشارع العربي والليبي أصبح عاليا ولم يعد لهم قبول، فعقب الثورة، انقلبوا على معمر القذافي واستخدموا الأموال لتجريد الطابع الليبي وسعوا إلى السيطرة على مفاصل الدولة وعاثوا في ليبيا فساد من قتل وتهجير وتدمير".
وتابع "المجتمع الليبي ضج بالحروب والدماء والمعارك التي تأكل مفاصل الدولة ورأوا بأم أعينهم ماذا قدمت الجماعة خلال عقد من الزمن، فهم يستخدمون التقية الشرعية في تمرير أهدافهم الخبيثة، فهم لا زالوا يتجمعون ولديهم غرف سرية ومنصات ولقاءات في الدوحة واسطنبول ويدعون من معهم ف الداخل والخارج أو من يناصرهم في السعي وراء لملمت أوراق الجماعة بعد الخسائر التي لحقت بهم، سواء في الانتخابات السابقة أو في المحطة المقبلة".