وجه عدد من المنظمات وجمعيات المهتمة بشؤون الجالية الجزائرية في الخارج، رسالة مباشرة إلى الرئيس عبد المجيد تبون، تطالبه بمراجعة قرار غلق الحدود البرية والجوية الذي اتخذه بتاريخ 17 مارس 2020، والذي لايزال ساري المفعول إلى يومنا هذا بسبب انتشار جائحة كوفيد 19.
تشير مضمون الرسالة بالتحديد إلى أزمة آلاف الجزائريين في الخارج الذين يعانون الويلات بعد أن أصبحوا عالقين بقرار فجائي، فمنهم من غادر الوطن للعلاج وانتهت فترة علاجه، ومنهم الطلبة الذين انتهت فترة دراستهم، ومنهم العمال والموظفون الذين انتهت عقود عملهم أو تم تسريحهم من وظائفهم، ومنهم المقيمون الذين تعطلت مصالحهم في الجزائر، أما المؤلم أكثر فيشترك فيه المئات الذين فقدوا والديهم وأحبابهم، إذ لم يتمكنوا حتى من حضور جنائزهم لتوديعهم.
السلاسة الهندية وصلت رغم الغلق
ومع كل هذا التضييق والغلق، تؤكد إحصائيات موثوقة وأخبار متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي أن أجانب من جنسيات مختلفة يدخلون الجزائر ويخرجون منها بشكل عادي.
وقد أعلن وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد، الثلاثاء، على هامش زيارة تفقديه قادته إلى مستشفى سليم زميرلي بالحراش، أن السلالة الهندية لفيروس كورونا وصلت إلى الجزائر عن طريق رعية هندي.
وقد سجلت البلاد 6 حالات مؤكدة للسلالة الهندية، و180 حالة من السلالة البريطانية و143 حالة بالسلالة النيجيرية.
وتعليقا منه على استمرار حالة الغلق أمام الجالية الجزائرية، قال الحقوقي والمحامي الجزائري عمر فاروق سليماني لـ"سكاي نيوز عربية": "صحيح غلق الحدود جنب الجزائر كارثة حقيقية حيث تشهد البلاد نوعا من الاستقرار في الحالات لا تتجاوز ولكنه في المقابل إجراء مس بأحد أهم الحقوق الدستورية للمواطنين، وعاقب الجالية دون ذنب".
وأوضح المحامي أن غلق الجزائر للحدود بهذا الشكل هو مساس بحق الحرية في التنقل المنصوص عليها دستوريا الذي يكفل لجميع الأشخاص التحرك من وإلى خارج الوطن، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يندرج في خانة تقويض الحريات.
واستغرب المحامي طريقة تطبيق غلق الحدود، في وقت لا تزال بعض الشركات الأجنبية للطيران تقوم برحلتين في اليوم، بينما الشركة الوطنية للطيران متوقفة وتقوم برحلات داخلية.
خسائر كبيرة تتكبدها الجوية الجزائرية
وتأتي هذه الخطوة في وقت توفر فيه عدد من شركات الطيران الأجنبية رحلات الإجلاء من الجزائر، ويتعلق الأمر أساسا بالخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية التركية التي تقوم برحلات إلى إسطنبول، والخطوط الجوية القطرية والخطوط الملكية المغربية.
بينما دخلت الخطوط الجوية الجزائرية في أزمة مالية خانقة، دفعتها لطلب قرض من الدولة مقداره 910 ملايين دولار، من أجل تجاوز شبه الإفلاس، بعد أن بلغت خسائر الشركة للنقل البحري للمسافرين أكثر من 400 مليون دولار منذ غلق المجال الجوي شهر مارس 2020.
ورغم إجراءات الغلق إلا أن السلطات قامت بتوفير عدد من رحلات لإجلاء للعالقين في الخارج، مع ضمان توفير فنادق مجانية للعائدين لقضاء فترة الحجر الصحي.
مقابل ذلك غادر أزيد من 94 ألف شخص الجزائر منذ بداية السنة الجارية من أجانب ومغتربين وحاصلين على تراخيص خاصة لمغادرة البلاد، وقد شهد مطار الجزائر الدولي هواري بومدين منذ بداية سنة 2021 تم نقل أزيد من 418 ألف مسافر.
ويرى الموقعون على البيان أن رحلات الإجلاء التي برمجت اتسمت بالفوضى ورداءة التنظيم والمحاباة والتلاعب بتراخيص الدخول إلى أرض الوطن، ما تسبب في ضياع حقوق الجالية ومصالحهم.
وتتناقل أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج العديد عبر مواقع التواصل الإجتماعي العديد من القصص المؤلمة لجزائريين عالقين بسبب غلق الحدود.
ويوصف قرار غلق الحدود في الجزائر بـ"السياسي"، غير أن هناك تضارب في التصريحات بين اللجنة العلمية والسلطات السياسية، حيث يلقي كل واحد الكرة في ملعب الأخر وهو الأمر الذي طرح سؤال لدى الخبراء حول مدى نجاعة إجراء الغلق في مجابهة الجائحة.
لا جدوى طبية من الغلق
وقدم الموقعون على البيان مقترحات لحل الأزمة، منها ضرورة تخصيص رحلات عادية مع الخطوط الجوية الجزائرية بما يلبي حاجيات الجالية في التنقل، مع السماح باقتناء تذاكر مع الخطوط الجوية الأجنبية.
كما طالبت بإلغاء شرط استخراج الترخيص الاستثنائي للدخول إلى أرض الوطن الذي أذل الجالية الجزائرية وأصبح بمثابة تأشيرة للدخول إلى بلدنا الأم، في حين نجد سهولة في حصول الأجانب عليه وهو ما استفز نفسية الجزائريين.
في هذا السياق قال الدكتور الجزائري ياسين عبد الجابر المقيم في الولايات المتحدة الأميركية لـ"سكاي نيوز عربية" :"يجب فتح الحدود لإنهاء معاناة الجزائريين وهي الأزمة التي تدخل عامها الثاني، الغلق إجراء مجحف وأنا كبقية الجزائريين عانيت كثيرا بسبب مرض الوالدة ولم أتمكن من الدخول لزيارتها والتكفل بها".
وأكد الطبيب عبد الجبار أن الطواقم الطبية عبر العالم لا ترى الحكمة من غلق الحدود، وقال: "الغلق لا فائدة منه فأمريكا والاتحاد والأوروبي وأستراليا وأكثر من 180 بلد حدودها مفتوحة كليا ونحن بعد أكثر من عام من الغلق لا نزال نتكلم عن رحلات الإجلاء".
وشرح الدكتور مستوى خطر تنقل الفيروس في الطائرات مقارنة بالفضاءات الأخرى.
وقال: "التقارير الطبية تؤكد أن حالات الإصابة داخل الطائرة قليلة عكس الحافلات والقطارات فالطائرات تستفيد من معدلات الهواء التي تقوم بتصفية الأوكسجين كل ثلاثة دقائق بنسبة 99 بالمئة بما فيها الفيروسات، وهو الحال الذي يشبه الجلوس داخل غرف العمليات".
وأضاف الطبيب الجزائري :"حتى الدول التي ظهرت فيها الكورونا المتحورة كبريطانيا والهند ونيجيريا تقوم باستقبال أهلها ولم تقم بغلق الحدود بهذا الشكل الذي تشهده الجزائر".