استدعى القضاء الإسباني، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، الموجود حاليا في مستشفى في لوغرونيو بإسبانيا، حتى يمثل يوم الأربعاء، في قضية تتعلق بالاختطاف والتعذيب.
وأكدت وكالة الأنباء المغربية، استنادا إلى مصادر قضائية في مدريد، أن استدعاء إبراهيم غالي للمثول أمام المحاكم الإسبانية، جاء بعد شكوى قدمها شخص يُسمى فاضل بريكة.
من المستشفى إلى المحكمة
ويتهم بريكة الذي قبلت المحاكم الإسبانية شكوته في أبريل الماضي، زعيم الانفصاليين بالمسؤولية عن اختطافه خلال الفترة من 18 يونيو 2009 إلى 10 نوفمبر من العام نفسه.
في هذا السياق، قال بريكة في تصريح لوكالة الأنباء المغربية “لقد تم اختطافي قرابة خمسة أشهر وتعرضت للتعذيب في سجون مخيمات تندوف لسبب بسيط هو أنني طالبت بالكشف عن مصير أحمد خالد الذي اختطف منذ يناير 2009".
وأضاف "من خلال هذه الشكوى ومثول هذا المجرم وغيره من قادة البوليساريو أمام القضاء، أطالب بتحقيق العدالة لجميع ضحايا فظائع البوليساريو”.
وتعليقا على الموضوع، قال أحمد نور الدين، الخبير في قضايا شمال إفريقيا والمختص في قضية الصحراء "إسبانيا وضعت نفسها أمام اختبار صعب. واستقبالها لابراهيم غالي بأوراق مزورة ثُم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة بعد كل هذه الضجة، يجعلنا نطرح عدة تساؤلات حول فصل السلط واستقلال القضاء في إسبانيا. الموضوع برمته ومنذ البداية وضع مصداقية الديموقراطية الإسبانية على المحك. وجعلنا نتساءل إن كانت السلطة التنفيذية تتحكم في القضاء".
كما تساءل نور الدين في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": "هل يحترم القضاء الإسباني القاعدة القانونية التي تقتضي عالمية الاختصاص القضائي، أم إنه ينفذ هذا المبدأ على أغوستو بينوشيه في أكتوبر 1998 ويتغاضى عنه عندما يتعلق الأمر بابراهيم غالي وغيره".
واسترسل المحلل السياسي قائلا "سوف نرى ما سيحدث الآن، وإن كانت إسبانيا ستنفذ القانون أم إنها ستعتمد سياسة الكيل بمكيالين."
"تخبط إسباني"
لازالت بعض الشكوك تحوم حول استدعاء القضاء الإسباني لزعيم البوليساريو، فبعدما أكدت وسائل إعلام محلية من بينها وكالة الأنباء “إيفي” خبر الاستدعاء بعد تريث، خرجت اليوم برواية أخرى.
وقالت وكالة الأنباء الإسبانية ووكالة أوروبا برس، إن قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية الإسبانية أمر بالتحقق فيما إذا كان زعيم البوليساريو يوجد على الأراضي الإسبانية بهوية وأوراق مزورة قبل أن يقرر في مسألة استدعائه.
وذكرت المصادر أن قاضي المحكمة المركزية "رقم 5" لم يرفض من حيث المبدأ استدعاء إبراهيم غالي قصد التحقيق معه في التهم الموجهة إليه، بناء على طلب الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، بعد علمه بذلك؛ فيما تم توجيه الاستدعاء فعلاً إلى خمسة أعضاء من جبهة البوليساريو، من بينهم قياديون.
تهم ثقيلة
احتج عدد من النشطاء، يوم السبت الماضي، أمام مستشفى "سان بيدرو بلوغرونيو" الذي استقبل غالي، وعبر المحتجون ومن بينهم ضحايا للتعذيب والاغتصاب عن سخطهم وغضبهم من موقف الحكومة الإسبانية ''التي سمحت بدخول أراضيها من طرف مطلوب للعدالة على خلفية ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب".
وأكد هؤلاء الضحايا الذين قدموا من عدة مدن وبلديات مجاورة، أن غالي يجب أن يحاسب على أفعاله أمام المحكمة بناء على التهم الموجهة إليه.
كما حث المشاركون في هذه التظاهرة، وهم يحملون لافتات تندد بالدخول غير القانوني وغير الشرعي لإبراهيم غالي إلى إسبانيا بهوية مزورة، على إعادة تفعيل الإجراءات القانونية ضد هذا المرتزق.
وبخصوص التهم الثقيلة الموجهة لزعيم البوليساريو، قال مصطفى طوسة، الإعلامي والمحلل السياسي، في تصريح سابق لـ"سكاي نيوز عربية"،"إن إبراهيم غالي أُدخل المستشفى في إسبانيا مستترا في هوية شخص اسمه محمد بن بطوش، وذلك قصد التهرب من شكوى اغتصاب تعود للعام 2010 قدمت في حقه من قبل جمعيات حقوقية وشابة صحراوية تنحدر من المخيمات، والمسماة خديجتو محمود."
من جانب آخر، أكدت الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب "أكافيتي" في بيان لها، أن "إبراهيم غالي زعيم الانفصاليين متهم بارتكاب اغتيالات في حق عمال كناريين في منطقة الصحراء، فضلا عن كونه المسؤول الذي أمر بتنفيذ عمليات الاغتيال والخطف الجماعي والاختفاء في حق البحارة الكناريين في أعالي البحار أثناء الحرب خلال الفترة الممتدة ما بين 1973 حتى نهاية 1986".
وصدرت مذكرة توقيف في حق إبراهيم غالي من قبل السلطات الإسبانية في العام 2008، وفي العام 2013 وجهت إليه المحاكم الإسبانية لائحة اتهام طويلة.
المغرب ينتظر إجابات
لا زالت الرباط تنتظر "ردا مرضيا ومقنعا" من طرف الحكومة الإسبانية بشأن قرارها الترخيص لإبراهيم غالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية جرائم إبادة والإرهاب، بالدخول إلى أراضيها.
وأوضح وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة في حوار خص به وكالة الأنباء الإسبانية "إفي"، السبت الماضي، أن المغرب لم يتلق حتى الآن إجابات من مدريد على الأسئلة التي طرحها ضمن بلاغ نشره الأحد 25 أبريل.
وطرح المسؤول المغربي تساؤلات عدة مباشرة، "لماذا اعتبرت السلطات الإسبانية أنه لا داعي لإبلاغ المغرب؟ لماذا فضلت التنسيق مع خصوم المغرب؟ هل من الطبيعي أن نعلم بهذا الأمر من الصحافة؟"، متسائلا بشأن ما إذا كانت إسبانيا "ترغب في التضحية بالعلاقات الثنائية" بسبب حالة المدعو إبراهيم غالي.
وفي هذا الصدد، قال أحمد نور الدين، الخبير في قضايا شمال إفريقيا والمختص في قضية الصحراء في حديث ل"سكاي نيوز عربية": "المغرب يمتلك أوراقا عديدة يمكن أن يلعبها، إذا تمادت إسبانيا في تصرفاتها، من بينها التعامل بالمثل، أي التغاضي عن بعض الملفات المرتبطة بالتعاون القضائي أو استعمال الهجرة كورقة ضغط؛ فالمغرب يقوم بمجهودات جبارة للحد من الهجرة غير النظامية واسبانيا هي أكبر مستفيد باعتبارها بوابة أوروبا."