تبدو السيناريوهات جميعا أمام تنظيم الإخوان "قاتمة وكارثية"، وذلك بعد فشل محاولة الضغط على النظام التركي بعقد لقاءات مع معارضيه، بهدف تدشين تحالفات بديلة، بعد خسارة دعم حزب العدالة والتنمية، جراء محاولة النظام التركي التقارب مع مصر.
وبالرغم من محاولة الجماعة تحجيم الغضب داخل الرئاسة التركية، بإصدار بيان للتعهد بالحفاظ على علاقتها الطيبة بالرئيس وحكومته، إلا أن خبراء توقعوا أن يأتي رد "أردوغان" غاضبا وحاسما، على ما وصفوه بمحاولة "الابتزاز الفاشلة".
وتوقع المراقبون أن تشهد الفترة المقبلة قرارات حاسمة لتسليم المطلوبين لدى القاهرة، لمعاقبة التنظيم، وتشديد الملاحقات بحقهم.
ويرى الباحث المصري المختص في الشؤون السياسية محمد فوزي أن الملاحظة الأهم المرتبطة بالاجتماع الأخير الذي عقدته قيادات جماعة الإخوان بتركيا مع حزب السعادة التركي ورئيسه "كرم الله أوغلو" الذي يعتبر أحد الأحزاب المعارضة الرئيسية للعدالة والتنمية، تتمثل في حالة التخبط والتشتت التي تعيشها الجماعة، وهي الحالة التي ترتبط بمخاوف التنظيم من مآلات وتداعيات مساعي وجهود التقارب بين الجانبين التركي والمصري، خصوصاً فيما يتعلق بإمكانية قبول النظام التركي إبعادهم عن البلاد مقابل التسوية مع القاهرة.
سحب الاستثمارات والتحالف مع الأعداء
ويقول فوزي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" إن التنظيم حاول عبر البيان الذي أصدره أمس السبت 1 مايو، إخراج اللقاء الذي جرى مع حزب السعادة والتسويق له على أنه يأتي في إطار لقاءات واجتماعات دورية تجري بين الجانبين، لكن التنظيم وكما هو معروف عنه منذ عقود يفتقد إلى الحكمة في تقدير المواقف وتسيطر عليه الانتهازية.
ويؤكد أنه لا يمكن الفصل بين هذا اللقاء والسياق المحيط به، إذ يأتي اللقاء في ظل مساع قوية خصوصاً من الجانب التركي لبناء تفاهمات مع مصر في عدد من الملفات، وهي المساعي التي حاولت تركيا أن تبرهن على جديتها عبر غلق وتحجيم القنوات والمنابر الإخوانية التي كانت تستهدف قيادات الإخوان الدولة المصرية من خلالها، فضلاً عن كون اللقاء يسبق مجموعة من اللقاءات الأمنية والدبلوماسية التركية – المصرية في القاهرة خلال الأيام المقبلة.
"وبالتالي تأتي هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات من قبل الإخوان لتعكس نوعا من الابتزاز الذي تحاول قيادات التنظيم أن تمارسه بحق القيادة التركية، ويقوم هذا الابتزاز بشكل رئيسي على التهديد بسحب الاستثمارات التي تديرها الجماعة بتركيا، فضلاً عن توجيه دعم كبير لحزب السعادة المعارض".
التقارب مع القاهرة تكتيكي وليس استراتيجي
ويشير فوزي إلى أن العلاقة بين الإخوان ونظام العدالة والتنمية في تركيا علاقة "ارتباطية" وحيوية، فضلاً عن كون مساعي التقارب التركي مع مصر تمثل "تحولاً تكتيكاً" وليس "تحولاً استراتيجياً"، فلا تركيا تخلت عن مشروعها التوسعي في المنطقة والذي يتعارض والرؤية المصرية واعتبارات الأمن القومي العربي، ولا هي تخلت عن تيار "الإسلام السياسي" كأحد ركائز هذا المشروع الرئيسية.
ولا يتوقع الباحث المصري أن تقوم تركيا بتسليم قيادات الإخوان في تركيا، خصوصاً مع المؤشرات التي تقول باعتذار الإخوان عن اللقاء الذي جرى، والإعراب عن التقدير الكبير للقيادة التركية، وما بذلته من جهود بحقهم، وهو ما مثل تراجعاً عن الابتزاز الذي حاولوا القيام به، وهو ما عبرت عنه الجماعة في بيانها الأخير.
ووفق مصادر كانت تحدثت لـ"سكاي نيوز عربية"، فقد حاول محمود حسين أحد أبرز قيادات الجماعة المتواجدين بتركيا، التواصل مع ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي قبل أيام لبحث وضع عناصر التنظيم ومناشدته بعدم تسليم المطلوبين لدى القاهرة أو السماح لهم بمغادرة تركيا دون عوائق، لكن "أقطاي" طلب تأجيل المحادثات ولم يبلغ قيادات الاخوان ردًا واضحًا.
ولفتت المصادر إلى أن قيادة التنظيم فوجئت بالقرارات التي من شأنها تضييق الخناق عليها، وأوضحت أن تلك القيادات لا ترغب في حدوث تفاهم بين القاهرة وأنقرة وتعول على فشل هذه الخطوة، وتحاول بشكل بائس عرقلتها وإطالة أمد الأزمة، لتأثيرها على مصير إخوان تركيا.
ونوهت المصادر بأن التنظيم الدولي لم يكن طرفا في المفاوضات ولم يتواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو أي مسؤول تركي مع قياداته بشأن التطورات الأخيرة، مما دفع القيادي إبراهيم منير للظهور على قناة الجزيرة بعد إعلان الإجراءات التركية بشأن إعلام الإخوان، والقول إن "مصر تعتبر تركيا عدوا وليس حليفا"، وإن "الإخوان هو الحليف الأقرب للقرار التركي"، في محاولة منه للتذكير بالخلافات بين البلدين وحث تركيا على التراجع.