بعد أيام على إعلان قرار فرض حظر التجول الليلي خلال شهر رمضان، والذي أثار موجة من الغضب خاصة في أوساط مهنيي المقاهي والمطاعم، خرج رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ليدافع عن هذا القرار الذي اتخذ في خضم ما وصفه بالوضعية الوبائية المقلقة والصعبة والحرجة التي يجتازها المغرب في الوقت الراهن.
وفي مداخلته أمام جلسة مشتركة بين غرفتي البرلمان، كشف العثماني ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المتحور إلى 1600 حالة، بينها 115 حالة إصابة مؤكدة بالسلالة البريطانية وحوالي 1500 حالة شبه مؤكدة، موزعة على كل جهات المغرب.
وأكد رئيس الحكومة أن "الحالة الوبائية تميزت في الأسابيع الأخيرة بتغير ملحوظ ومقلق" حيث سجل تسارع في عدد الإصابات التي تتطلب العلاج داخل أقسام الإنعاش.
وأودى فيروس كورونا، منذ تفشيه في المغرب، بحياة أكثر من 9800 شخص فيما أصيب أكثر من نصف مليون آخرين.
قرار استباقي لتجنب كارثة وبائية
وخلال الجلسة التي خصصت لتقديم بيانات تتعلق بالحالة الوبائية بالمغرب والإجراءات المتخذة، دافع رئيس السلطة التنفيذية عن تشديد الإجراءات خلال شهر رمضان، خاصة فيما يتعلق بفرض حظر للتجول الليلي ابتداء من الساعة الثامنة ليلا، مما يعني تعليق صلاتي العشاء و التراويح في المساجد وإغلاق المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم.
وقال العثماني إن طبيعة وباء كورونا المستجد المتقلبة والمباغتة، والتباطؤ النسبي الذي تشهده حملة التلقيح بسبب ما فرضته السوق العالمية للقاحات، من بين العوامل التي دعت الحكومة إلى تشديد الإجراءات الاحترازية خلال شهر رمضان.
وقد وصف الإجراءات الجديدة بالقرار "الاستباقي" الذي تم اتخاذه لتجنب إعادة سيناريو عيد الأضحى للسنة الفارطة، حيث أدت الحركية التي شهدتها المناسبة إلى قفزة كبيرة في أعداد الإصابات اليومية بأكثر من 6000 حالة.
الجدوى من الإغلاق الليلي
ويتساءل المغاربة منذ عودة قرار الإغلاق الليلي أواخر السنة الماضية، عن الجدوى من هذا الإجراء. وقد بات السؤال يطرح بنوع من السخرية بين المواطنين وهم يرددون "هل كورونا تنتشر فقط خلال الليل؟"
وفي جوابه على هذا التساؤل، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خلال الجلسة البرلمانية المشتركة، أن إجراء الإغلاق الليلي أظهر نجاعة كبيرة في التقليل من خطر انتشار الفيروس، حيث تعمل به العديد من الدول عبر العالم. وأكد أن فترة الليل مناسبة لفرض هذه الإغلاق على خلاف فترة النهار التي تتميز بنشاط اقتصادي واجتماعي.
وأبرز العثماني أنه “من الضروري الاستمرار في الحظر الليلي للقضاء على الفيروس، لأن الحركية مرتبطة بانتشار الفيروس، والهدف هو تقليص الحركة".
من جهته، اعتبر الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الإغلاق الليلي كان من بين الإجراءات الصائبة التي ساهمت في استقرار الوضع الصحي لأشهر طويلة.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أوضح الخبير الصحي أن فرض حظر التجول الليلي خلال شهر رمضان، من شأنه أن يساعد على مواجهة الموجة الوبائية الثالثة، التي أكد أنها انطلقت بالفعل في المغرب، خاصة وأن شهر رمضان "يشهد حركية اجتماعية واسعة في الفترة المسائية".
ولم يستبعد الدكتور حمضي توجه الحكومة نحو مزيد من التشديد خاصة في ظل تباطؤ حملة التلقيح على الصعيد الوطني بسبب تزايد الطلب العالمي على جرعات اللقاح.
وينتظر المغرب الحصول على 10 ملايين جرعة من لقاح سينوفارم الصيني خلال شهري أبريل وماي.
كما من المقرر أن يحصل قريبا على جزء جديد من حصته في برنامج كوفاكس العالمي لتوزيع اللقاحات. ومن المنتظر كذلك أن يتوصل بشحنة من لقاح سبوتنيك الروسي.
وفي هذا الإطار، يؤكد الخبير الصحي أن مجموع ما سيتوصل به المغرب من لقاحات قد يفوق 12 مليون جرعة، وهو ما من شأنه أن يعطي دفعة جديدة لحملة التلقيح.
ضحايا الإغلاق الليلي
وفي موازاة الاجراءات الاحترازية، يشدد الدكتور الطيب حمضي الباحث في السياسات والنظم الصحية، على ضرورة إيجاد حلول للفئات الإجتماعية التي سيحرمها الإغلاق الليلي، خلال شهر رمضان، من قوت يومها.
وفي رسالة مشتركة إلى الحكومة، دعت فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب إلى اتخاذ تدابير اجتماعية استعجالية لمساندة الفئات المتضررة من قرار حظر التنقل الليلي خلال شهر رمضان.
واعتبر النواب أن هذا القرار ستكون له عواقب وخيمة على شرائح واسعة من المجتمع، لاسيما العاملين بالمقاهي والمطاعم والعمال غير المسجلين في الضمان الاجتماعي.
وكانت الحكومة، أعلنت مؤخرا عن قرار بمواصلة الدعم للعاملين بالقطاعات الأكثر تضررا من تداعيات فيروس كورونا الى غاية يونيو المقبل. لكن عدم التسجيل في لوائح السجلات الاجتماعية، يحرم فئة كبيرة من الدعم الذي يقدمه الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا.
وعلى الصعيد الشعبي، انطلقت دعوات للتضامن مع المتضررين، كما تم إطلاق حملة افتراضية عناونها دعم ندل المقاهي ببقشيش من 300 درهم (30 دولار).