يعيش المغرب، مؤخرا، على وقع إضرابات واحتجاجات في عدد من القطاعات، منها من يطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية والحصول على وظيفة، ومنها ما يتخوف من شبح الإغلاق الذي يتهدد المغرب للعام الثاني على التوالي، لا سيما في شهر رمضان.
وعلى رأس تلك القطاعات يأتي التعليم، الذي يعرف غليانا كبيرا منذ فترة، بسب إضراب الأساتذة المتعاقدين ومجموعة من النقابات، في احتجاج على ما يقولون إنه تعنيف لهم، وإغلاق باب الحوار مع وزارة التعليم.
في غضون ذلك، يواصل المنخرطون في الجمعية الوطنية لحملة الشهادات العاطلين بالمغرب" في مختلف فروعها بالبلد الإضراب عن الطعام، مطالبين الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة حتى يجدوا شغلا.
ودفع هذا الوضع كثيرا من المؤسسات الحقوقية إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بإنقاذ أرواحهم، فيما أعلنت "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم"، عن خوض إضراب وطني يوم 9 أبريل الجاري، بسبب الإفلاس الذي يهدد القطاع.
احتجاجات الأساتذة بالشارع
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة المعروفة بـ "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد"، عن خوض مزيد من الاحتجاج في الشارع العام والنزول إلى بالعاصمة الرباط يومي 6 و7 أبريل الجاري من أجل ترسيمهم في الوظيفة العمومية، أصدرت سلطات محافظة الرباط بلاغا يمنع أي تجمهر أو تجمع بالشارع العام، وذلك حرصا على احترام مقتضيات حالة الطوارئ الصحية المفروضة بالبلاد.
وعلى الرغم من المنع، نظمت العديد من الهيئات والأساتذة والإداريين المنتسبين للنقابة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية للعليم، صباح الاثنين، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط، قوبلت بتدخل من طرف القوات العمومية، وإبعاد المحتجين عن مقر الوزارة.
وتأتي هذه الوقفة في سياق تزايد الاحتقان في صفوف مختلف فئات قطاع التربية الوطنية والتعليم، التي أعلنت هذا الأسبوع عن إضرابات وأشكال احتجاجية مختلفة، لحث الحكومة ووزارة التعليم على فتح باب الحوار.
وعن هذه الوقفة، تقول لطيفة الفتوحي عضو الجامعة الوطنية للتعليم فرع سلا (شمالي الرباط)، في تصريح لـ "سكاي نيوز عربية" إنها جاءت "للاحتجاج على وزارة التربية الوطنية والتعليم التي أغلقت باب الحوار، ولتحميل رئيس الحكومة مسؤولية ما يقع في هذا القطاع، خاصة أنه صم آذانه عما يقع في الشارع، ولم يسع لفتح الحوار مع شغيلة التعليم".
ومن جهته، يقول أحد الأساتذة المتعاقدين، أن تنسيقيتهم تخوض إضرابات منذ أربع سنوات، وتطالب الحكومة بإدماجهم في الوظيفة الحكومية، قائلين إنهم أجروا كل امتحانات الكفاءة الممكنة، التي أثبتت جدارتهم واستحقاقهم لمناصب تعليمية بضمانات اجتماعية مثلهم مثل نظرائهم الأساتذة الذين سبقوهم، رافضين "خيار العقد".
إضراب أرباب المقاهي والمطاعم
في غضون ذلك، أعلنت "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم"، عن خوض إضراب وطني يوم 9 أبريل الجاري، بسبب الإفلاس الذي يتهدد القطاع الذي تأثر بشكل مهول بسبب الإغلاق الذي عرفه المغرب في فترة الحجر الشامل جراء وباء كورونا، وتمديد الاجراءات الاحترازية التي ألزمتهم بالإغلاق في الثامنة مساء لفترات طويلة.
وفي تصريح لـ "سكاي نيوز عربية"، يقول نورالدين الحراق رئيس "الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم"، إن الإضراب الوطني المعلن عنه جاء "بعد استنفاد جميع طرق الحوار مع الحكومة وعدم استجابتها لمطالبنا القطاع، هو إضراب إنذار بتردي أوضاع المقاولات والمشتغلين في هذا القطاع، الذين يعيشون في ظروف صعبة، حيث لم يتمكنوا من استعادة عافيتهم، رغم فسح المجال لهم للاشتغال بنسبة 50 في المئة، خاصة أن الضرائب المعتمدة بعد فترة الحجر لم يؤخذ فيها بعين الاعتبار أن تلك المقاولات لا تشتغل مئة في المئة".
ويضيف الحراق أن مهنيي القطاع يعيشون في أزمة كبيرة، بسبب تراكم فواتير الإيجار، وغيرها من أعباء مستلزمات العمل، ويخشون من الإغلاق التام خلال شهر رمضان، والذي لم تفصح الحكومة لحد الساعة عن أي إجراء بخصوصه، ويوضح "الرؤية غير واضحة، وقرارات الإغلاق تكون فجائية، لهذا فنحن نعيش في ارتباك كبير، فالمهنيون لا يمكنهم الاستعداد لاستقبال شهر رمضان، وحتى من استعد لذلك فهو يخشى الإغلاق بالليل، لأن معنى ذلك هو القضاء على من مازال صامدا ومستمرا".
ويشير الحراق إلى أنهم واعون بخطورة الوضع الصحي، ومستعدون للحوار مع كل الجهات المعنية، شريطة أن تؤخذ كل الإكراهات والمشاكل التي يتخبطون فيها بالحسبان، ويقول: "فعلا تم إعفاؤنا من أداء الرسوم والجبايات في فترة الحجر الشامل من طرف الحكومة، ولكنه تحصيل حاصل، لأننا لم نعمل، وإلا فكيف سنؤدي تلك الضرائب. نحن نسعى اليوم إلى الحفاظ على هذه المقاولات المهددة بالإفلاس، ولهذا ندعو الحكومة وللجنة اليقظة إلى الحوار من أجل إيجاد حلول مناسبة".
معركة "الأمعاء الفارغة"
يواصل العاطلون عن العمل بالمغرب المنضوون تحت لواء "الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب" إضرابهم عن الطعام منذ مدة، فيما يعتصمون أمام العديد من المؤسسات بمختلف المدن والقرى، من أجل المطالبة بالتشغيل في الوظيفة العمومية.
ويقول أحد العاطلين من مدينة فاس لـ "سكاي نيوز عربية"، إن القرار اتخذ، لأنه لم يعد أمامهم أي خيار من أجل انتزاع حقهم في الشغل وصون كرامتهم، ويقول "بعد سنوات من الدراسة والتحصيل يجد الطالب المغربي نفسه أمام خيارين؛ إما الهجرة أو البطالة.
ويضيف أن العاطلين في مختلف المدن دخلوا في اعتصامات وإضراب عن الطعام، وهم واعون بأنهم قد يفقدون حياتهم، وبالفعل فقد تدهورت الحالة الصحية للعديد منهم.
وارتفعت نسبة البطالة في المغرب خلال عام 2020 وبلغت 11.9 في المئة من إجمالي القوى العاملة بعدما كانت تقدر بـ 9.2 بالمئة في نهاية 2019، حسب تقديرات المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، والتي عزت هذا الارتفاع إلى تأثر الاقتصاد المغربي بتفشي جائحة كورونا، والجفاف الذي أثر على قطاع الزراعة.
وأضافت في تقريرها السنوي أن عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية ارتفع بمقدار 322 ألف فرد خلال عام 2020، مقارنة مع 2019، إلى 1.429 مليون فرد، ارتفاعا من 1.107 مليون خلال 2019.
وبلغت نسبة بطالة الإناث 16.2 بالمئة، في حين بلغت نسبة الذكور العاطلين عن العمل 10.7 بالمئة؛ وبقيت نسبة البطالة أكثر انتشارا في صفوف حاملي الشهادات الجامعية، بـ 18.5 بالمئة. وسجل معدل البطالة 15.8 بالمئة بالوسط الحضري، مقابل 5.9 بالمئة بالوسط القروي.