يشهد المغرب توسعا "مقلقا" لرقعة انتشار السلالة البريطانية لفيروس كورونا المستجد، وهو ما ينذر باندلاع موجة وبائية ثالثة، خاصة وأن هذه السلالة تنتقل بسرعة كبيرة وتتمتع بنسبة فتك عالية.
وقد أعلنت وزارة الصحة، ليلة الأحد الاثنين، أن السلالة البريطانية باتت تنتشر في 7 جهات من أصل 12 جهة يتألف منها المغرب.
وأوضحت في بيان أن جهاز المراقبة الجينومية لفيروس كورونا كشف عن تحديد 89 سلالة للمتغير البريطاني، فيما لم يتم تأكيد وجود "أي متغير آخر ذي أهمية في المغرب".
ويأتي بيان وزارة الصحة، بعد أسبوع على الإغلاق التام لمدينة الداخلة السياحية، ثاني أكبر مدن الصحراء المغربية، عقب اكتشاف إصابة أكثر من أربعين شخصا بالسلالة البريطانية المتحورة.
ويعود أول ظهور لهذه السلالة بالمغرب، إلى شهر يناير الماضي، حين أعلن عن تسجيل إصابة لدى مهاجر مغربي دخل إلى المملكة عن طريق ميناء طنجة المتوسط، شمالي البلاد.
موجة وبائية ثالثة
وقد ارتفعت في الآونة الأخيرة، وثيرة التحذيرات التي تطلقها الحكومة والخبراء من خطر دخول المغرب في موجة وبائية ثالثة على غرار البلدان الأوربية المجاورة.
وبحسب البروفسور إبراهيم حمضي، الخبير في السياسات والنظم الصحية، فإن المعطيات الحالية التي تتميز باستقرار في الأعداد اليومية الجديدة للمصابين والوفيات بالاضافة إلى عدم وجود ضغط على أقسام الإنعاش بالمستشفيات، لا تؤشر على قرب دخول موجة وبائية ثالثة، لكنه يحذر في المقابل، من إمكانية بلوغ هذه المرحلة سريعا، إذا حدث هناك أي تراخ في مواجهة السلالة التي تتميز بسرعة الانتشار بالمقارنة من السلالة الكلاسيكية لفيروس كورونا.
ووفق آخر حصيلة لوزارة الصحة، يبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة 435 حالة. أما معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لكورونا، فقد بلغ 13،8 في المئة.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكد البروفسور ابراهيمي أن المغرب الآن على أعتاب بلوغ نسبة 12 في المئة من الساكنة الملقحة، وهي نسبة "لا تزال بعيدة عن عتبة الـ80 في المئة المطلوبة لتحقيق المناعة الجماعية".
ويناهز عدد الملقحين بالجرعة الأولى 4 ملايين ونصف المليون شخص، فيما وصل عدد الملقحين بالجرعة الثانية إلى نحو أربعة ملايين.
ما حقيقة سلالة ورزازات؟
وفي خضم الاهتمام المتزايد بالسلالات والطفرات الجينية لفيروس كورونا، أثار عضو اللجنة العلمية الوطنية عز الدين إبراهيمي جدلا بين المغاربة، بكشفه عن سلالة "مغربية" لفيروس كورونا ظهرت لأول مرة منطقة ورزازات.
وفي المنشور الذي لاقى متابعة كبيرة، كشف إبراهيمي عن ظهور 25 طفرة مغربية، موضحا أن نشأة هذه الطفرات المحلية تنتج تلقائيا بوجود الظروف الجينية لتطورها.
وتبعا للموقع المرجعي العالمي لتحليل البيانات "جيزيد" يمكن تصنيف طفرة ورزازات كسلالة جينومية مغربية مئة في المئة، في انتظار تحليل خصائصها.
وبعد أن أحدثت تدوينته جدلا كبيرا، نشر إبراهيمي الذي يشغل منصب مدير "مختبر البيوتكنولوجيا الطبية" بكلية الطب والصيدلة بجامعة محمد الخامس بالرباط، تدوينة ثانية وضح فيها للرأي العام أن الأمر "يتعلق بسلالة لم تكتشف إلا في منطقة واحدة، وليس لها أي تأثير لا على انتشار الفيروس ولا على خطورة المرض بعد الإصابة ولا على المس بالاستجابة المناعية".
وتعليقا على "سلالة وارزازات"، يصف البروفيسور إبراهيم حمضي الأمر بالطبيعي من الناحية العلمية، بحيث تظهر أكثر من 100 طفرة بشكل يومي لفيروس كورونا.
ويضيف الخبير الصحي أن هذه الطفرات لا قيمة لها في غياب خصائصها البيولوجية، على عكس السلالات القوية كالبريطانية والجنوب افريقية.
ويخلص المتحدث إلى أن الكشف عن الطفرة المغربية يعكس قيمة الرصد الجينومي في المغرب، حيث أنشأت وزارة الصحة جهازا خاصا للسهر على مراقبة أي تحور للفيروس.
قلق شعبي من حجر شامل
وقد فتحت التطورات الوبائية الأخيرة الباب أمام التكهنات والشائعات بإمكانية العودة إلى الحجر الشامل خلال شهر رمضان، حيث أصبحت سيناريوهات الحجر تطغى على أحاديث المغاربة في الشارع.
وفي ردها على الشائعات المتناسلة بشكل يومي، أكدت الحكومة في اجتماعها الأخير، أنها "وأمام هذه الوضعية المقلقة، ستواصل مشاوراتها مع اللجنة العلمية الوطنية ومع جميع القطاعات المعنية من أجل اتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة وخاصة خلال شهر رمضان وذلك حفاظا على صحة وسلامة المواطنات والمواطنين وكذا أخذا بعين الاعتبار الوضعية الاقتصادية" للمغرب.
وأوضحت الحكومة في بلاغ، أنها "ستحرص على الإعلان عن هذه التدابير في الوقت المناسب، حيث أن كل ما يتم تداوله حاليا بهذا الخصوص لا أساس له من الصحة وهو مجرد أخبار زائفة".
ومددت الحكومة الاثنين الماضي التدابير الاحترازية المفروضة منذ نهاية السنة الماضية. وتتمثل هذه التدابير، بشكل خاص، في فرض حظر تجول ليلي بدأ من التاسعة مساء مع إغلاق جميع المحلات والمقاهي والمطاعم على الساعة الثامنة مساء.