أعلن مدير منشآت النفط في الزهراني جنوبي لبنان زياد الزين أنه "تمت عملية تسليم المواد المشعة الى الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، وعليه يكون قد انطوى الملف وانتهى وباتت المواد في حوزة الهيئة الذرية وعهدتها، كما يجب مقاربة المصطلحات العلمية بدقة وموضوعية، وتعود الى أصحاب الاختصاص والمرجعيات ذات الصلة".
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب تحدث في اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، يوم الجمعة الماضي، عقد في القصر الرئاسي، عن العثور على مواد كيميائية خطيرة في منشأة الزهراني جنوبي البلاد تبين بعد الكشف عليها بأنها مواد نووية عالية النقاوة ويشكل وجودها خطرا"، بحسب تقرير وصل لدياب عبر جهاز الامن العام.
وأثار الخبر جدلا كبيرا في البلاد، حيث ناقضت الهيئة الوطنية للطاقة الذرية التقارير الرسمية التي تحدثت عن "خطورة عالية للمواد النووية".
وأظهرت تقارير الهيئة أن "المواد الموجودة هي عبارة عن 4 عبوات زنة كل منها 100 غرام و3 عبوات زنة 250 غرام وأخرى زنة 50 غرام وهي مواد استهلاكية يتم استخدامها في الأبحاث العلمية".
مواعد عالية الجودة
والمقصود بعبارة عالية النقاوة هو أنها عالية الجودة ويمكن استثمارها في إطار البحوث والدراسات العلمية وفي الجامعات والمعاهد المتخصصة.
وقالت المديرية العامة للنفط إنه تم الاتفاق بين المديرية وهيئة الطاقة الذرية، وبإشراف المجلس الوطني للبحوث العلمية على نقلها بسيارة خاصة الاثنين إلى مركزها وتصبح بعهدتها وفقا للأصول.
واضافت: " نطمئن كل اللبنانيين أن الموضوع علمي بحت ولا يتخذ أي أبعاد اخرى، وعليه لا داع لأي خوف أو قلق".
وقال الامين العام للمركز الوطني للبحوث العلمية معين حمزة لـ"سكاي نيوز عربية" إن وجود هذه المواد لا تشكل خطورة لا على المنشآت ولا على السكان. وأضاف: "لم نكن على علم بوجود هذه المواد قبل كشف الشركة الالمانية عليها".
وادخلت هذه المواد إلى لبنان ما بين العام 1950 و1960 أي قبل المعاهدة الدولية المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية المبرمة عام 1973، وبذلك يعتبر لبنان غير مخالف للمعاهدة الدولية.
الانفجار الهائل
وأعاد الحديث عن المواد النووية الى الاذهان، الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، حيث انفجرت شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم في العنبر رقم 12.
وأدى الانفجار إلى تدمير ثلث المدينة وتشريد أكثر من ربع مليون شخص، وقتل أكثر من 215 شخصا وجرح 7500 آخرين.
وكشف مدير شركة "كومبي ليفت" الألمانية في فبراير الماضي، أنه جرى معالجة مواد كيماوية سامة خزنت في أكثر من 52 حاوية منذ سنوات في مرفأ بيروت، مشيرا إلى أن "ما وجدناه يعادل قنبلة ثانية".
وعثرت الشركة المكلفة بالتخلص من المواد الكيماوية التي تم العثور عليها في المرفأ بعد انفجار 4 أغسطس، على 52 حاوية تحتوي لأكثر من 1000 طن من المواد الخطرة.
وأوضحت الشركة أن هذه المواد كافية لإحداث انفجار مشابه لذلك الذي دمر أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية.
وبسبب الفساد المستشري في البلاد وغياب الشفافية، يقول خبراء إن مواد خطرة قد تكون مخزنة في أكثر من منطقة لبنانية تشكل خطرا كبيرا على السلامة العامة في البلاد.
ويمثل انفجار 2700 طن من نترات الأمونيوم قابلة للاشتعال في مرفأ بيروت مثالا على الفساد والإهمال في لبنان، حيث تم تخزين هذه الشحنة الخطرة أكثر من 7 سنوات في مرفأ بيروت الواقع في قلب المدينة، من دون لأي معالجات لتحييد هذه المواد وابعادها.
وكان عدد كبير من المسؤولين على علم بـ "شحنة الموت" لكنهم تغاضوا عن الموضوع حتى انفجرت العاصمة.
وكانت وصلت تقارير أمنية لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قبل أسابيع من الانفجار تحذر فيه من شحنة المواد سريعة الاشتعال، لكنه صرح بأنه قيل له إنها أسمدة زراعية غير قابلة للانفجار.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون بعد أيام من الانفجار إنه كان يعلم بوجود المواد في المرفأ وأحال الملف على المسؤولين الأمنيين لديه.
وتستمر التحقيقات في انفجار بيروت من دون التوصل حتى اليوم لأي معطيات جديدة.