تفاعل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مصر، بشكل واسع، مع مقاطع فيديو لفتاة تقود سيارة بسرعة كبيرة على إحدى الطرق السريعة عكس اتجاه السير، لتكون نهايتها الوفاة بعدما اصطدمت السيارة بأخرى واشتعلت فيها النيران.
الحادثة التي تم تصويرها من قبل أحد الأشخاص الذي يحكي أنها كانت لفتاة تسير بسرعة 170 كيلو متر في الساعة على طريق "الجلالة"، وبعد نشر الفيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أثارت غضب عدد كبير من المتابعين، الذين قالوا إن الفتاة "أقبلت على الانتحار بجنون".
وحادثة الفتاة، واحدة من بين آلاف الحوادث التي تتم سنويًا في مصر، فيما أشار بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي صدر في يونيو الماضي، إلى أن عدد الحوادث التي شهدتها مصر عام 2019 قد بلغ 9992 حادثة مقـابل 8480 حادثة عام 2018.
انعدام الكفاءة
ويقول استشاري الطرق، شعبان الدرندلي، إن "الحادثة مرعبة بكل المعايير، ومن الواضح أن الفتاة تحاول الانتحار بقيادتها بتلك السرعة الجنونية على ذلك الطريق الدولي السريع".
وتابع الدرندلي، في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "الحادثة غير مبرّرة بالمرة، فالناحية الأخرى فيها سيولة مرورية كبيرة، وكان من الممكن أن تأخذ أو تقاطع يدخلها على الطريق السليم، وتتفادي ذلك الأمر، ولكنها فعلت أسوء الاحتمالات بالقيادة عكس الاتجاه وبسرعة جنونية صعب معها تفادي أي أخطاء".
وأشار استشاري الطرق إلى أنّ "مصر خلال السنوات الماضية قامت بتطوير خريطة الطرق، ومن ثم انخفضت نسب الحوادث، غير أن جنون السائقين وانعدام الكفاءة من بين الأسباب التي تودي بحياة الآخرين".
وكانت وزارة التخطيط المصرية قد أكدت في بيان، أنّ ما تم ضخه من استثمارات على الطرق والجسور خلال الأربع سنوات الماضية تجلّت نتائجه في آخر عامين من 2018 إلى 2020، حيث انخفضت وفيات حوادث الطرق بنسبة 5 في المئة خلال 2018- 2019 وبنسبة 44 في المئة سنة 2019- 2020.
وأوضح الدرندلي في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من أجل "تقليل الحوادث في مصر للمعدل العالمي، لابد أن تكون هناك رقابة على الطرق أكثر وأكثر، من حيث الرادارات ذات الكفاءة العالية، وشرطة الطرق التي تنتشر بكثافة والتي تتدخل في وقت قياسي، فضلا عن عدم إعطاء رخصة القيادة إلا لمن يستحق بعد عمل الاختبارات بشكل مثالي على الجميع بلا استثناء".
أرقام مرعبة
ووفقًا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي صدر في يونيو الماضي، فقد ارتفعت عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات في عام 2019، بنسبة 12.9 في المئة ليصل إلى 3484 متوفي مقابل 3087 متوفى عام 2018.
وتابع البيان أنّ معدل حوادث السيارات، قد ارتفع إلى 27.4 حادثة في اليوم عام 2019، مقابل 23.2 حادثة يوم عام 2018، وأن السبب الرئيسي لحوادث السيارات كان العنصر البشري حيث بلغت نسبته 79.7 في المئة، تليه عيوب فنية في المركبة 13.5 في المئة من إجمالي أسباب الحوادث على الطرق عام 2019.
تهوّر وانتحار
ويقول طه السباعي، أستاذ هندسة الطرق بجامعة جنوب الوادي، إنّ "ما حدث من الفتاة لا يمكن أن يوصف إلا بالتهور والانتحار، غير أنّه عند دراسة الفيديو نجد أنها حاولت تفادي سيارتين، وهنا من الممكن أن نتراجع نوعًا ما عن كونها تقبل على الانتحار، ونرجع الأمر للتهور أو التعاطي".
وتابع السباعي في حديثه مع "سكاي نيوز عربية" أن "الطرق الحديثة مصممة وفق المواصفات الدولية والعالمية، ولكن مثل تلك الأمور والحوادث يجعل هناك مناداة لأن تكون هناك شرطة طرق مفعلة على كل عدد من الكيلومترات، ورادارات قوية ترسل لأقرب عناصر شرطة متواجدة على الطريق أي خلل لكي يتم التدخل المناسب مع الأمر".
وطالب السباعي في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" جهات الأمن بضرورة مراقبة تلك الطرق بالكاميرات، لأن الحادثة في حال عدم تصويرها من قبل المواطن، ما كانت لتصل إلينا، وكان من الممكن أن تضيع معها الحقوق، وتتحول لحادثة عادية بدون أي تهور من أحد الطرفين وخروج عن النص.
المشروع القومي للطرق
وعن الطرق المصرية وما حدث فيها على مدار السنوات الأخيرة، يقول اللواء أحمد سعد الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق والمختص في الشأن المروري، إن "مصر شهدت طفرة عالمية في مجال الطرق خلال السنوات الأخيرة، لعلّ وضوحها الجليّ ظهر عندما بدأ المشروع القومي للطرق الذي بدأه الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2014".
وتابع سعد الدين في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "الأرقام التي صدرت على مدار الأعوام الماضية توضح انخفاض معدل الحوادث بشكل كبير، ولا يمكن أن نعمم حادثة الفتاة الجنونية التي لا أحد يعلم لماذا فعلت مثل هذا الأمر بهذا الشكل الخارج عن كل معايير الأمان والسلامة المتبعة".
وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق أنّ "الطرق المنفذة الجديدة والتي نراها في فيديو الفتاة توضح كيف حدثت طفرة في هذا المجال، فالطريق سريع وبه حارات مرورية مخصّصة، ولكن العنصر البشري هنا هو المفسدة الوحيدة التي يجب أن نتوقف أمامها".
4400 كيلومتر من الطرق وفق المعايير الدولية
في يوليو 2014، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المشروع القومي للطرق، والذي يهدف إلى إنشاء عدد كبير من الطرق للربط بين المحافظات وفقًا للمعايير الدولية، ولتخفيف الازدحام المروري في المدن والمحافظات.
يهدف المشروع القومي للطرق للوصول إلى 4400 كيلومتر من الطرق الجديدة، بخلاف عمل طرق منفصلة لشاحنات النقل والمقطورات الكبيرة، مع تحديد مواعيد محددة لسيرها على بعض الطرق الرئيسية في مصر.