يشهد لبنان حراكا دبلوماسيا لافتا في الساعات الأخيرة بعدما وصلت مساعي تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر مجددا، بسبب الخلاف العلني بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة، وتعطيل الطبقة السياسية لعملية التأليف بسبب المحاصصات والحسابات الخاصة لكل فريق.
وقال القائم بأعمال السفارة البريطانية في بيروت مارتين لوغدين إنه تحدث "بصراحة شديدة" مع الوزير السابق جبران باسيل بشأن الملف الحكومي.
وقال لوغدين في تغريدة على صفحته على تويتر أعادت نشرها السفارة البريطانية في بيروت: "تحدثت إلى الوزير السابق جبران باسيل اليوم "بصراحة شديدة" بخصوص "قلق بريطانيا العميق على لبنان".
وأضاف: "يرقص القادة السياسيون على حافة الهاوية، وعلى جميع الأطراف تحمل المسؤولية والتحرك".
تحذير بريطاني من كارثة وشيكة
وتابع المسؤول البريطاني قائلا "البديل الوحيد لذلك هو كارثة لا يستطيع أصدقاء لبنان منعها. هذا هو الخيار".
يذكر أن بيروت تشهد حراكا دبلوماسيا يقوده سفراء الدول الكبرى بعد الانتكاسة التي أصابت مساعي تشكيل الحكومة والإشكال السياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري والذي "انفجر" خلال اللقاء الأخير بينهما، مما أدى بدوره إلى تعطيل أي أمكانية لولادة حكومة جديدة.
وكانت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قد زارت كلا من عون والحريري صباح الخميس، وحثت فور خروجها من اجتماعها بعون في قصر بعبدا كل القيادات السياسية للتعاون من أجل تشكيل حكومة قادرة.
وقالت شيا: "أود أن أقول لأي شخص يضع شروطا لتأليف هذه الحكومة التي هي حاجة ماسة لشعبكم، إذا كانت تلك الشروط قد أدت إلى عرقلة تشكيل الحكومة، أود أن أسأل: الآن بعد مرور ثمانية أشهر تقريبا من دون حكومة بسلطات كاملة، الم يحن الوقت للتخلي عن تلك الشروط والبدء بالتسوية؟".
وأضافت الدبلوماسية الأميركية: "إنه لمن المهم التركيز على تأليف الحكومة، وليس عرقلتها".
أما السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، قد زارت كلا من الحريري وعون ورئيس البرلمان نبيه بري.
والتقى بري السفيرة الفرنسية بناء على طلبها، حيث تم عرض الأوضاع العامة، خصوصا التفاصيل المتعلقة بالملف الحكومي والمعوقات التي تحول دون انجاز تشكيل الحكومة، وتم التشديد على وجوب الإسراع في تشكيل حكومة يتمكن من خلالها لبنان من معالجة أزماته، وفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية.
الأمم المتحدة على خط الأزمة
والتقت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية نجاة رشدي عددا من المسؤولين من بينهم الحريري وبري وعون.
وكان السفير السعودي في بيروت وليد البخاري قد التقى عون تلبية لطلب الرئيس اللبناني الذي أصر على لقاء البخاري مرات عدة.
والتقى البخاري في السفارة السعودية سفراء الكويت والولايات المتحدة وفرنسا، وتقول اوساط سياسية ان حركة السفير السعودي لافتة في توقيتها.
وكانت جامعة الدول العربية دعت الثلاثاء الساسة اللبنانيين إلى العمل سريعا على إنهاء "الانسداد السياسي" في بلادهم وعرضت التدخل للمساعدة في تجاوز الأزمة.
وبحسب بيان صادر من القاهرة، فقد أعرب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أنه "يستشعر قلقا كبيرا جراء ما تشهده الساحة السياسية من سجالات توحي بانزلاق البلاد نحو وضع شديد التأزم ملامحه باتت واضحة للعيان".
ويُفهم من الحراك الدبلوماسي في بيروت بحسب متابعين، تشديد المجتمعين الدولي والعربي على أهمية تشكيل حكومة قادرة بأسرع وقت ممكن ووقف الخلافات بين القوى السياسية بينما وصلت الأمور في لبنان إلى حد الانهيار الكبير وما قد يتبع ذلك من أحداث سلبية تطال الأمنين الاجتماعي والاقتصادي.
ويقول متابعون إن قصر بعبدا في خطوة استدعائه لسفراء الدول المؤثرة خطوة تهدف إلى الإيحاء بأن الرئاسة موجودة وقادرة على التأثير، واصفين إياها بأنها "محاولات فاشلة لتغطية تعطيل فريق رئيس الجمهورية لمساعي ولادة الحكومة بعد الطريقة غير اللائقة التي تصرف فيها عون مع رئيس الحكومة المكلف إن بطريقة المخاطبة أو عبر تسلميه ورقة لتعبئتها تضم وزراء وحصصا حددها الرئيس ومن خلفه صهره جبران باسيل".
هذا قد أوردت صحيفة النهار اللبنانية أن انظار الأوساط الدبلوماسية والسياسية تتجه الى ما قد يصدر من توجهات ومواقف أوروبية وأميركية مشتركة محتملة حيال لبنان، في ظل مبادرة فرنسا الى طلب طرح الواقع اللبناني على الاجتماع الذي يعقده قادة دول الاتحاد الأوروبي الخميس والجمعة عبر الفيديو والذي سيشارك فيه الرئيس الأميركي جو بايدن.
ووسط كل هذا، يعيش الشعب اللبناني أقسى أزمة في تاريخ البلاد، حيث يستمر انهيار العملة الوطنية، وتتكرر مشاهد الاشكالات امام المتاجر على عبوات الزيت والحليب والسكر والارز المدعوم.
وتشير الارقام إلى إن لبنان دخل في انهيار غير مسبوق ادى الى تضاعف نسبة الفقر والبطالة والتضخم والسرقات.
ولم ينجح السياسيون بتشكيل حكومة منذ انفجار الرابع من اغسطس الماضي الذي دمر ثلث المدينة وشرد مئات الالاف وكبد الاقتصاد مليارات الدولارات.