"شاشات عرض كبيرة وكاميرات في أنحاء المكان وأجهزة تابلت بيد الحاضرين" على هذه الهيئة المواكبة للتكنولوجيا الحديثة ستبدو قاعات المحاكم في مصر وكذلك سجونها العمومية.
ويأتي هذا التطور في إطار الخطة الاستراتيجية للدولة لتطوير دور العدالة في مصر 2030، حيث بدأت وزارة العدل المصرية تطبيق نظام التقاضي الإلكتروني عن بُعد في القضايا الجنائية، وتفعيل خاصية "فيديو كونفراس"، أثناء نظر جلسات تجديد حبس المتهمين في محاكم شمال الصعيد.
وقال المستشار أحمد سمير الجمال، سكرتير عام مساعد نادي القضاة، إن المرحلة الأولى من المشروع كانت في محاكم شمال الصعيد وشملت دوائر المحاكم الابتدائية في محافظات المنيا وبني سويف والفيوم، على أن تُعمم في سائر محاكم الجمهورية خلال أسبوعين فقط.
تجهيز القاعات
وأوضح الجمال في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه تم تجهيز كافة قاعات المحاكم التي تنظر دوائرها جلسات تجديد حبس لمتهمين في قضايا جنائية بشاشات عرض وكاميرات وجهاز "تابلت"، وتم تجهيز غرفة داخل كل سجن مركزي وكل سجن عمومي بذات الإمكانيات وعن طريق قناة خاصة بكل سجن ومؤمنة تتواصل المحكمة مع كل سجن حسب التنسيق الزمني المسبق".
وأشار سكرتير نادي القضاة إلى أن المتهم سيُعرض على المحكمة ويتواصل مع قاضيه من خلال الصوت والصورة، بحضور محاميه داخل قاعة المحكمة من دون حاجة لترحيل المتهم ونقله من السجن إلى المحكمة، ويحق للمحامي الحضور مع المتهم في محبسه أو أمام المحكمة للترافع، وعقب ذلك تقوم المحكمة بإصدار قرارها وتتولى النيابة العامة تنفيذه مع السجون كالمعتاد.
وشدد الجمال على أنه لا مساس بأي ضمانة يخولها القانون لأي متهم، خاصة أن حضور المتهم جلسات تجديد الحبس -طبقا للقانون- تكون لسؤاله فقط حول الاتهام، وإجابته بنفيه أو إثباته، ويتولى محاميه الدفاع عنه.
ونوه بأن هذا الإجراء يوفر ملايين الجنيهات شهرياً، في نقل المتهمين من محبسهم إلى قاعات المحاكم، لا سيما أن بعض المحاكم تبعد كثيرا عن السجون، كما توفر جهداً كبيراً على أجهزة الأمن التي تتولى ترحيل المتهمين، فضلاً عن مخاطر هرب المتهمين أثناء نقلهم للمحاكم والتي شهدتها قضايا عديدة وجسدتها أعمال درامية وسينمائية عديدة.
تطبيق نظام التقاضي الإلكتروني في مصر لم يكن بعيدا أيضا عن الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، فهو يحقق فكرة التباعد الجسدي وعدم الاختلاط وتفادي الزحام، وبالتالي يحمي أعضاء المنظومة سواء قضاة أو محامين أو متهمين، فيما تبذل السلطات المصرية جهودا كبيرة لتجنب تسرب الوباء إلى داخل السجون، ويأتي نظام التقاضي الإلكتروني للحد من خروج المتهمين ليحد من تلك المخاطر.
حقوق المتهمين
استاذ القانون الجنائي ومستشار المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عماد الفقي، قال في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن تطبيق نظام التقاضي عن بُعد في مصر له مميزات عدة وكان مطلباً للحقوقيين المترددين على المحاكم في مصر، باعتبار أن التجربة تحقق العدالة الناجزة وسرعة التقاضي، لأن مئات القضايا كانت تؤجل بسبب تعذر حضور المتهمين لأسباب أمنية، فضلاً عن توفير نفقات لا بأس بها، والحد من الإجراءات المشددة المتعلقة بنقل المتهمين الخطرين.
ويرى الفقي أن النقد الذي يمكن أن يوجه للتقاضي عن بُعد سيكون حول مدى التأكد من وجود ضمانات كافية للمتهمين أثناء محاكمتهم بهذه الطريقة دون وقوع أي تأثير عليهم من قبل جهة الإدارة التي تتولى حبسهم، خاصة أن الاتصال وإن كان تحت بصر وبصيرة المحكمة، إلا أن القاضي قد لا يرى كل ما يحدث حول المتهم من ضغوط أثناء نظر قضيته، وهنا يجب التدخل بشكل تشريعي لضمان كافة حقوق المتهمين.
ويشير أستاذ القانون الجنائي إلى أن التجربة تم العمل بها في دول أوروبية مثل إيطاليا، مع ضمان وجود محام للمتهم في محبسه حتى لا يتم إكراهه على اعتراف أو أقوال محددة، فضلاً عن محام آخر ينوب عنه في قاعة المحكمة لإحداث نوع من التجانس مع المحكمة، وهو ما قد يتعذر لدى أغلب المتهمين في المحاكمات الجنائية في مصر.