هي حالة السقوط الحر لا قعر لها.. جملة تلخص الواقع الاقتصادي المتأزم في لبنان، هذا البلد الذي يجد نفسه هذه الأيام أمام أزمات اقتصادية واجتماعية وصحية، تتشابك بين بعضها البعض، وكل عنصر من هذه العناصر يهوي ويسحب الآخرين معه إلى الهاوية.
وخسر لبنان خلال 6 أشهر قرابة 60 الى 65 بالمئة من إجمالي ناتجه المحلي، من 52 مليار دولار في العام 2019 إلى 18 مليار دولار في العام 2020، بينما ترتفع نسب الفقر والبطالة وتغلق المؤسسات أبوباها.
تحت عنوان "القطاع الخاص النظامي في لبنان: عام 2020 والواقع المرير"، أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا " الاسكوا " تقريرا أشارت فيه، إلى تقلص بلغت نسبته الـ 45 بالمئة من مبيعات القطاع الخاص النظامي في عام 2020 تقريبا، مقارنة بمعدل مبيعات عام 2019، وتسريح 23 بالمئة من الموظفين العاملين في قطاعات رئيسية فيه.
علما أنه منذ عام 2019، يعاني الاقتصاد اللبناني هبوطا مستمرا، تفاقم مع ازدياد حدة جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت الصيف الماضي.
وبحسب الدراسة، انكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 20 بالمئة عام 2020 مقارنة بالعام السابق إثر تراجع نشاط القطاع الخاص، ما شكل ضربة قاسية للناتج المحلي الإجمالي وللإيرادات الضريبية لخزينة الدولة التي انخفضت بنحو 17 بالمئة.
ومن المتوقع أن يتفاقم الانكماش في عام 2021 ما لم يوزع لقاح كوفيد-19 في الوقت المناسب، وما لم تنفذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة".
وفند المستشار الاقتصادي في الاسكوا الدكتور سليم عراجي لسكاي نيوز عربية، أبرز النقاط التي استندت عليها المنظمة لإصدار هذا التقرير.
فشرح أن انخفاض الأنشطة الاقتصادية في لبنان أدت إلى تدهور القطاع الخاص النظامي بسبب جائحة كورونا أولا، والتي تسببت بانخفاض الانتاج والاستهلاك على حد سواء، مما كبح محركات القطاع الخاص وخصوصا قطاع انتاج السلع والخدمات.
وثانيا، الواقع السياسي الحالي والاحتجاجات الشعبية التي ارتفعت وتيرتها بين العام 2019 و2020، فضلا" عن انفجار مرفأ بيروت وما سببه من دمار كلي وجزئي لبعض المحال والمؤسسات التجارية.
وبحسب عراجي، تسببت كورونا بتقلص مبيعات القطاع الخاص النظامي بنسبة 45 بالمئة في العام 2020، مقارنة بما كانت عليه في العام 2019.
كذلك انخفضت معدلات التشغيل، في القطاعات الرئيسية، في القطاع الخاص النظامي في العام 2020 بمعدل وسط قدره 23 بالمئة من العاملين بدوام كامل.
ومن بين القطاعات التي تستوعب أعدادا كبيرة من اليد العاملة في لبنان، سجل قطاع البناء اعلى معدلات الخسارة في الوظائف بدوام كامل بنسبة 40 بالمئة.
ويلفت عراجي الى ضرورة الاستثمار في بقاء الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تأجيل سداد الديون والاعفاءات الضريبية والقروض الميسرة، إذ أن هذه الشركات تشكل نسبة 90 بالمئة من القطاع الخاص النظامي في لبنان.
ويعاني 45 بالمئة من العاملين في هذا القطاع من الفقر المتعدد الأبعاد. فضلا عن ضرورة قيام الدولة بإصلاحات كبرى في بيئة الأعمال والظروف المواتية للاستثمار في لبنان، مع إعطاء الاولوية لتعزيز الاستقرار السياسي ولجم الفساد وزيادة المساءلة والمحاسبة.
القطاع السياحي يعيش احلك الظروف
الأمين العام للمؤسسات السياحية جان بيروتي أطلق عبر سكاي نيوز عربية صرخة لإغاثة القطاع السياحي في لبنان، حيث أن 35 بالمئة من المؤسسات أقفلت عام 2020 بسبب انفجار مرفأ بيروت، حيث تضرر 1120 مطعما وفندقا. وخسر جراء الازمة الاقتصادية والاقفال العام بسبب جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت 50 الف عامل وظائفهم بشكل نهائي، ومن بقي في عمله اي قرابة 100 الف اما يعملون بنصف او اقل من راتبهم الشهري.
الماركات العالمية تودع السوق اللبناني
وفي قطاع الفرانشايز، أو تراخيص الامتياز، كغيره من القطاعات، أسدلت الأزمة بظلالها عليه، فشهدنا اقفال لمكاتب شركات وفروعها في لبنان. فمجموعة الشايع مثلا التي كانت تدير قرابة 12 ماركة في لبنان، اقفلت 9 منها بشكل نهائي.
رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة، يقول بان القطاع كان يشكل نسبة 4 بالمئة من إجمالي الدخل القومي. ويضم حاملي امتياز ومانحي امتياز.
وتتنوع هذه المؤسسات طبعا بين مطاعم نسبة 48 بالمئة، وتجارة تجزئة متنوعة 52 بالمئة، من ثياب وأحذية وحتى بعض الصناعات.
وأمن هذا القطاع 100 ألف فرصة عمل بحسب دراسة للاتحاد الأوروبي.
لا شك أن الصورة قاتمة جدا، وآمال النهوض الاقتصادي تتراجع، لكن الأمل في الأيام المقبلة التي لعلها تحمل مفاجآت قد تعيد بعضا من أمل مفقود بدولة طبيعية تعطي جميع مواطنيها حقوقهم المنصوص عليها في الدساتير والقوانين.