بعد انقلاب متمردي الحوثي في اليمن، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، كان قدر "اليمن السعيد" أن يضحي حزينا، فأصبح كل ما ينشر عن البلد هو القتل والدمار والخراب، فترسخت هذه الصورة عن البلد في ذهن العالم، لكن الشاب زكريا اليمني أراد أن يغير هذا الانطباع على طريقته.
وقام زكريا بإنشاء حساب على "تويتر"، باسم "اليمن الجميل"، سنة 2016، في محاولة لـ "إظهار اليمن الحقيقي الذي شوهت الحرب صورته"، عبر صور جمالية لمحافظاته المختلفة ومزاراته العتيقة وتراثه الثري، قبل نشوب الحرب، وبعض ما تبقى بعدها.
الوجه الحقيقي
يقول زكريا، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "حاولت من خلال مشروعي إظهار اليمن الجميل الحقيقي، الذي حجبت الحرب صورته وقامت بتشويهه، وكما أردت نقل صورة للعالم بأن اليمن ما يزال جميلا رغم الحرب والإرهاب الحوثي، وسيظل اليمن هو نفسه اليمن السعيد وشعبه هو الشعب البسيط والكريم المحب للجميع، ولن يستطيع الإرهاب قتل الحياة فينا، وقتل اليمن، وأن اليمن سيعود مهما كان حجم الجراح، وأننا، كيمنيين سنبعث الحياة والحب والجمال من بين كل هذا الخراب".
ويعاني اليمنيون تبعات التمرد الحوثي، وبات على المواطنين رؤية أماكنهم المفضلة تنهار بفعل الدمار والخراب، حيث تحولت الساحات الخضراء إلى مساحات دموية، ولذلك قرر الشاب البالغ 24 عاما أن يهرب مؤقتا من ذلك الواقع بالصور.
يحاول طالب الإعلام أن يُبقي على صورة وطنه "الجميل والمسالم"، فيقول: "الصور تبحث عن اليمن في الحاضر والماضي.. تبحث عن يمن الإنسانية والمحبة والحضارة والفن والثقافة.. تبحث عن يمن السلام".
تفاعل كبير
مع الوقت، زاد عدد متابعي "اليمن الجميل" ليتخطى 20 ألف متابع، كما يتلقى الشاب تفاعلا جيدا وإشادات تصله من آلاف المتابعين عبر الصفحة.
يضيف زكريا: "يتجمع يمنيون من كل مناطق اليمن في هذه الصفحة، دون خلافات، دون تفريق، ما يجمعهم رغبتهم في رؤية اليمن جميلا، وتمنياتهم أن يعود كما كان، برغم الجراح والأوجاع والأوضاع الصعبة، برغم كل هذا السوء الذي حل علينا، اليمن جميل وسيعود، فهذا ما يحمله كل يمني".
لا تتوقف التعليقات المرحبة بفكرة الصفحة، فيتلقى زكريا إشادات بين الحين والآخر على غرار: "عندما يصيبنا الضيق ندخل على الصفحة ونتفحص الصور.. حساب جميل ينسينا مواجعنا التي سببتها الحرب"، فيما يسعده تعليقات غير العرب "الذين يصيبهم الانبهار بأن تلك المناطق الجميلة موجودة في اليمن".
التعريف باليمن
ويضيف: "لدي أفكار عديدة لتطوير هذه الصفحة، سأعمل عليها في المستقبل القريب، لتكون ذات تأثير أكبر في مصلحة اليمنيين، ويعرف العالم الكثير والكثير عن اليمن الحقيقي وليس الذي مزقته الحرب".
من صنعاء القديمة إلى مدينة المكلا، ومن الزي التقليدي للأسواق وموسم حصاد البُن إلى مناطق اليمن الأثرية، تطوف صور زكريا، والتي يحصل عليها "من صفحات المصورين والسياح الذين زاروا اليمن ومن تطبيقات الصور.
يتمنى زكريا "تصوير جميع المناطق في اليمن.. تصوير اليمن الحقيقي، وعرضه للعالم، ونقل تفاصيله الحضارية والجمالية والفنية والثقافية".
ذكريات سعيدة
للشاب اليمني ذكريات عديدة في مدن مختلفة، منها صنعاء القديمة، مديرية حراز، ومحويت والمكلا وغيرها، اعتاد أن يطوف تلك الأماكن برفقة الكاميرا ويلتقط التفاصيل، قائلا "كل صورة من هناك تروي جزء من عطشي ليمن ما قبل الحرب".
فما ينشره زكريا ليس هدفه التعريف باليمن فقط، بل يعكس اشتياقه الشخصي لها، فمنذ سنوات لم يغادر الشاب مدينته التي يقطن فيها "بسبب الحصار والطرق المحفوفة بالأزمات".
يحلم زكريا أن يعيش بسلام في "اليمن الجميل"، ورأيه أن السلام يجلب الرخاء وكل شيء، وهو ما يحاول تثبيته بالصور.