لاقت إشارة بابا الفاتيكان، خلال كلمته التي وجهها للعراقيين، أثناء مراسيم استقباله في قصر السلام الرئاسي، الجمعة الماضية، لمعاناة الأيزيديين، على خلفية ما تعرضوا له، من حملة ابادة جماعية، في العام 2014، إثر اجتياح تنظيم داعش الإرهابي، لمحافظة نينوى، وسيطرته على مناطق واسعة منها، وإعلانها جزءا من خلافته المزعومة، أصداء ترحيبية ايجابية واسعة، خاصة من قبل الأوساط الكردية الأيزيدية.
ولم يقتصر الترحيب بكلمة البابا على العراق فحسب، وإنما شمل عموم مناطق تواجد الأكراد الأيزيديين، من المناطق الكردية في سوريا، إلى أرمينيا، وفي المهجر، حيث يقيم مثلا، مئات الآلاف منهم، في بلدان القارة الأوروبية.
وقال بابا الفاتيكان في كلمته: "من بين الكثيرين الذين عانوا وتألموا، لا يسعني إلا أن أذكر الأيزيديين، الضحايا الأبرياء للهجمة المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر".
وتعليقا على أهمية زيارة البابا للعراق بالنسبة للأيزيديين، قال عضو مجلس النواب العراقي حسين نرمو لموقع "سكاي نيوز عربية": "زيارة البابا كانت تاريخية وفريدة من نوعها، بطبيعة الحال، وبعد اطلاعنا على تفاصيل برنامج الزيارة، ومحطاتها، لاحظنا خلوها من المناطق الأيزيدية، كسنجار مثلا، وعند استطلاعنا عن السبب، تفهمنا رأيهم، ومفاده، أن سنجار هي الآن، حلبة للصراعات السياسية للأسف، بين العديد من التيارات والأحزاب الموجودة على الأرض هناك، ما يعني أن الظروف الأمنية، غير مواتية، ولا تسمح بزيارة شخصية، من وزن البابا لها في الوقت الحالي، وقد اتصلنا إثر ذلك، بالمراجع الدينية المسيحية، وفي مقدمها المطران لويس ساكو وتباحثنا حول اهتمام البابا بقضية الأيزيديين، وطرحنا عليه بعض النقاط، لنقلها لقداسته. وبالفعل عندما ألقى كلمته، في القصر الرئاسي، بعد مراسيم الاستقبال، تطرق البابا في البداية، للقضية الأيزيدية وما حل بالأيزيديين، من إبادة وتطهير عرقي وديني، على يد تنظيم داعش الإرهابي".
وأضاف نرمو :"اتفقنا مع المراجع الدينية الأيزيدية، كالمجلس الروحاني، وكانت هناك اتصالات لرئاسة الجمهورية مع أمير الأيزيديين، والبابا شيخ، وهو أعلى رتبة دينية أيزيدية، لاستطاع إمكانية زيارتهم بغداد، والمشاركة في مراسيم استقبال البابا، لكن للأسف لم يتمكنوا من الحضور، ولذلك، حضر من بعشيقة، عضو المجلس الروحاني الأيزيدي، فاروق خليل، ليشارك ممثلا عن الديانة الأيزيدية في صلاة الأديان ولقائها، في مدينة أور التاريخية الأثرية، وقد أعددنا ورقة حول واقع الأيزيديين ومطالبهم من البابا، وقد سلمها لقداسته في أور".
وتابع قائلا: "كانت زيارة لافتة ومعبرة، تمت بإصرار البابا عليها، رغم ما سبقها من أقاويل، وإشاعات، وحول كونها ستكون زيارة صعبة ومحفوفة بالمخاطر، لكنه قرر القيام بها، وجال العراق من أقصاه لأقصاه، وهو عندما زار الموصل خاصة، وشاهد بأم عينه، حجم الدمار في الموقع الكنسي الذي زاره، وفي المدينة ككل، لا شك أنه أدرك، حجم الدمار والخراب، اللذين طالا مختلف مناطق المحافظة، ومنها سنجار، وبقية المناطق الأيزيدية، خلال حملات داعش الإرهابية عليها".
واسترسل: "هذه الزيارة مهمة جدا، ليس فقط للمكونات العراقية، بل في سوريا أيضا، وعموم المنطقة، ففي سوريا مثلا، يتعرض الأيزيديون والمسيحيون، لحملات الإبادة والتهجير المماثلة، على يد مختلف الفصائل الإرهابية، والتكفيرية هناك".
وبيّن أن :"الزيارة وما تخللها، من مواقف تضامنية مع المكونات العراقية المضطهدة، تمثل رسالة تنسحب على الدول الأخرى في المنطقة، ومن ضمنها سوريا على سبيل المثال لا الحصر، التي تضم مكونات مضطهدة دينية وقومية صغيرة نسبيا، كالأيزيديين والمسيحيين، وهي ديانات ضاربة في القدم، ومكونات أصيلة، لها باع حضاري عريق".