في ظل الخلاف السياسي المحتدم بين الرئيس التونسي قيس سعيد من جهة، ورئيس مجلس النواب ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من جهة أخرى، والذي يمضي نحو أسبوعه الرابع، فإن ثمة تباينات عديدة بخصوص إدارة ملفات السياسة الخارجية، ومن بينها الأزمة الليبية.
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، يقول القيادي الليبي، عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في المؤتمر الوطني السابق، إن "حركة النهضة سوف تقوم بدعم الإخوان في ليبيا للسيطرة على المجلس الرئاسي والحكومة الجديدين بشتى الطرق، والتي تبدأ بالأساليب الناعمة"، مؤكدا أنه "في حالة تبين صعوبة ذلك، سوف تعمل النهضة على تنفيذ عمليات الضغط المعتادة لديهم بالوسائل الخشنة".
ويؤكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في المؤتمر الوطني السابق، أن بقاء المرتزقة في ليبيا وتمددها مهم للنهضة، لافتا إلى أن "الإخوان سوف يسعون إلى إفشال مخرجات لجنة الـ5+5، كما أفشلوا الترتيبات الأمنية المشروطة في اتفاق الصخيرات".
وشدد اليسير على ضرورة أن تركز الحكومة الجديدة على مبدأ المصالحة الوطنية كأداة لاستكمال أهم بنود اتفاق جنيف، مع الاستعانة بالأمم المتحدة، وأن لا ترضخ لأي ضغوطات تجعلها أداة لإفشال هذا الاتفاق كما حصل مع حكومة الوفاق.
ومن جانبه، يرى النائب السابق في مجلس النواب التونسي، عبد العزيز القطي، أن حركة النهضة تراقب ما يحدث من تطورات سياسية في ليبيا "دون الإدلاء بأي رأي واضح"، لافتا في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن "الصراع الحاصل بين سعيد والغنوشي يعد مؤثرا وله انعكاساته على السياسة الخارجية، خاصة مع رغبة رئيس حركة النهضة في أداء دور أكبر من حجمه تبعا لمصالحه الفئوية والحزبية، وتحديدا عبر اصطفافه مع أنصار جماعة الإخوان باعتبار تونس أضحت آخر معاقل الإسلام السياسي في العالم".
ويشير رافع الطبيب، أستاذ محاضر في العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية بجامعة منوبة بتونس، إلى أن حركة النهضة بدأت في أعقاب التصويت في جنيف "تحريك مجموعات فوضوية في ولاية تطاوين حتى لا يستقر الأمر جنوبا مع الجارة ليبيا".
ويضيف الطبيب لـ"سكاي نيوز عربية": "راهنت حركة النهضة بشكل كبير على شخصيات ذات ميول إخوانية صريحة أو لديها ثقل ميليشياوي، يمكن أن تمثل سندا أمنيا في حالة وقوع اضطرابات في تونس، ومن أبرز هذه الشخصيات السيد خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الذي انسحب من السباق ولم يدخل الاقتراع، إضافة إلى وزير الداخلية السيد فتحي باشاغا الذي خسرت قائمته أمام تحالف السيد عبد الحميد الدبيبة والسيد محمد المنفي".
لذا، من الملاحظ تكتم النهضة على مخرجات اقتراع جنيف وعدم التعليق على مشاهد اللقاء الذي جمع المشير خليفة حفتر مع رئيس المجلس الرئاسي السيد محمد المنفي في بنغازي، كما يوضح الأكاديمي التونسي في جامعة منوبة، بالإضافة إلى غياب ممثلي التيارات الإسلاموية في العشاء الموسع الذي نظمه عبد الحميد الدبيبة على شرف النخب السياسية في مصراتة.
ويردف: "بسقوط الرموز الميلشياوية من أعلى هرم السلطة الجديدة، فإن حركة النهضة تدخل مربع الصمت، إذ أن رغبة الطاقم الجديد الحاكم هي توحيد المجال الوطني، والمضي نحو إعادة الإعمار، بما في ذلك من استحقاقات أمنية؛ أبرزها تفكيك الكتائب العقائدية وإجلاء المرتزقة السوريين والأجانب، ومن بينهم المجموعات الإرهابية التونسية التي تورطت النهضة في تكوينها عبر التجنيد والمساندة اللوجستية والتبرير الدعائي".