في خطوة أخرى تكشف تمادي الأطماع التوسعية التركية في الأراضي السورية، وقع الرئيس التركي رحب طيب أردوغان قرارا بقضي بافتتاح كلية طب ومعهد للعلوم الصحية في بلدة الراعي في ريف حلب شمالي سوريا الخاضعة لسيطرة الجيش التركي ومرتزقته.
هذا الاجراء ليس الأول من نوعه حيث الأعلام التركية واللغة والعملة التركيتان وصور أردوغان والرموز العثمانية تملأ الفضاء العام في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا من شمال سوريا، فمن حديقة الأمة العثمانية في اعزاز إلى دوار رجب طيب أردوغان في عفرين توغل أنقرة في التتريك وطمس كافة معالم الوجود السورية، والكردية منها على وجه الخصوص، في مسعى محموم لفرض أمر واقع الإلحاق بتركيا وقضم تلك الأراضي السورية.
لكن ما يبعث على الإدانة والاستهجان أكثر من أي وقت هذه المرة بحسب خبراء قانونيين وأكاديميين أن يتم العمل على فتح هذه المؤسسات الجامعية في دولة أخرى وينشر القرار في الجريدة الرسمية التركية وكأن مناطق سيطرة الجيش التركي في سوريا باتت جزءا من الأرض التركية ويحق لأنقرة تاليا التعامل معها وكأنها ولايات ومدن تركية في خرق فاضح للقوانين والمواثيق الدولية.
وهذه سابقة خطيرة، إذ ولأول مرة يصدر مرسوم رئاسي تركي بخصوص شمال سوريا والذي نص على افتتاح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية ببلدة الراعي الواقعة ضمن ما يسمى بمنطقة "درع الفرات" التي يسيطر عليها الجيش التركي ومرتزقته السوريين والمسلحين المتشددين.
وجاء في المرسوم الذي حمل توقيع أردوغان أن الكلية والمعهد يتبعان جامعة العلوم الصحية التركية في إسطنبول.
ويبدي الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة السليمانية الدكتور فاروق عبدول، في حوار مع "سكاي نيوز عربية"، دهشته من هذا "التصرف المنافي جملة وتفصيلا للقانون الدولي".
ويضيف: "حتى بالمعايير والأخلاقيات العلمية والأكاديمية هو قرار مدان ولا يتسق مع قواعد النزاهة والأمانة العلميتين".
ويحذر حقوقيون عرب وأكراد في هذا المضمار من أن تركيا تشرع رويدا رويدا في الكشف المبرم عن نيتها الكامنة بضم مناطق خاضعة لسيطرة الجيش التركي شمال في سوريا لأراضيها.
ولعل قرار افتتاح كلية الطب والمعهد الصحي في بلدة الراعي السورية خير شاهد، ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي والكردي ويشكل توطئة لتدخلات تركية في بلدان عربية أخرى.