وقف وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد ، في مطار بوفاري العسكري في البليدة، منتظرا على أحر من الجمر، هو و45 مليون جزائري آخرون، الشحنة الأولى من لقاح كوفيد-19 الروسي، في مهمة البلاد للقضاء على الفيروس.
ووصلت، اليوم الجمعة، إلى الجزائر، الدفعة الأولى من اللقاح الروسي (سبوتنيك v )، وستنطلق أول عملية للتطعيم ضد فيروس "كوفيد-19"، في البلاد، السبت، من المؤسسة الاستشفائية الجوارية، في منطقة أولاد يعيش، بولاية البليدة التي تقع 40 كم غرب الجزائر العاصمة.
وأكد الوزير الناطق الرسمي للحكومة، عمار لحيمر، الذي كان في استقبال الطائرة، رفقة وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد :"أن هناك شحنة أخرى من لقاح أوكسفورد أسترازينك ستصل إلى الجزائر يوم الأحد".
وتتضمن المرحلة الأولى 500 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك الروسي، وستتواصل الرحلات الجوية المخصصة لهذا الغرض عبر جسر جوي خاص لجلب الكمية من عدة دول منها الهند والصين.
ويؤكد خبراء الصحة في الجزائر أن البلاد تحتاج إلى 40 مليون جرعة من اللقاح للوصول إلى المناعة الجماعية المحددة بنسبة 60 إلى 70 بالمئة من عدد السكان، ويذكر أن عدد سكان الجزائر يصل إلى 45 مليون نسمة.
تساؤلات حول رزنامة التلقيح
وعبر الأطباء والمتخصصين في مجال مكافحة الأمراض المعدية في الجزائر، عن تفاؤلهم من هذه الخطوة التي تأتي بعد 11 شهرا بالضبط من اكتشاف أول إصابة بفيروس كوفيد-19 في الجزائر.
وأكد البروفيسور محمد يوسفي، رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك لـ"سكاي نيوز عربية": "أن وزارة الصحة مطالبة اليوم بتحديد جدول دقيق يحدد خريطة طريق توزيع اللقاح حسب العقود التي وقعتها الجزائر مع المختبرات العالمية".
وقسمت الجزائر مرحلة توزيع اللقاح إلى 3 مراحل حسب شرائح المجتمع مع إعطاء الأولية للمناطق النائية أو ما بات يعرف بـ"مناطق الظل"، وتبدأ المرحلة الأولى بكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ثم تتجه إلى الأطقم الطبية وأفراد الحماية المدنية ورجال الأمن والسياسيين، ووصلا إلى باقي شرائح المجتمع من المواطنين البالغ عددهم 18 سنة فما فوق، حيث تم استثناء الأطفال من هم أقل من سن 16 كما تم استثناء النساء الحوامل من هذا الإجراء.
ووقع الاختيار على ولاية البليدة لرمزية المنطقة التي عرفت أعلى معدلات الإصابة عبر البلاد.
وأوضح رئيس مصلحة مستشفى بوفاريك التي شهدت أعلى معدلات الإصابة على مدار الـ11 شهرا (أكثر من 4 آلاف حالة إصابة و20 ألف حالة مستعجلة) أن الجزائر اليوم ليست في مرحلة الخطر.
وقال يوسفي: "نستطيع التكيف مع الوضع في مرحلة الستة أشهر القادمة التي ستعرف تكثيف الجهود لتوزيع اللقاح من أجل الوصل إلى المرحلة النهائية والتي ستكون قبل نهاية العام الجاري بإعلان القضاء نهائيا على الوباء".
وصنف البروفيسور إيدير بيطام حالة الجزائر في ترتيب الدول المحظوظة والتي تشهد عدد قليل من الإصابات وقال لـ"سكاي نيوز عربية": "نقف اليوم أمام الاختبار الأخير والذي يعني إما القضاء على الفيروس عن طريق تحقيق المناعة الجماعية وإما التعايش معه لسنوات طويلة".
وبالتزامن مع وصول الشحنة الأولى من اللقاح، ظهرت حالة من الخوف في الشارع الجزائري خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يطرح تساؤلات حول الأعراض التي قد يتسبب فيها اللقاح.
وطمأن البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات الرأي العام في هذا الإطار وقال: "سبوتنيك لقاح جيد جدا، ولكن بشرط أخذ جرعتين منفصلتين وليس جرعة وحدة فقط".
وأكد البروفيسور بيطام أن لقاح سبوتنيك يعتبر من أهم اللقاحات المتاحة في السوق، حيث يصنفه خبراء علم الفيروسات في خانة اللقاحات الناقلة وقال: "هناك 3 أنواع من اللقاحات وهي اللقاح الناقل (سبوتنيك الذي يأخذ منه الإنسان جرعتين خلال 21 يوم لإنتاج الأجسام المضادة والتي قد تستمر في جسم الإنسان لمدة قد تصل لسنتين)، وهناك اللقاح منزوع الشراسة ولقاح الحمض النووي الذي يقوم على حث الخلية على إنتاج الأجسام المضادة".
خطوة لبناء جسور الثقة
ووصلت الشحنة الروسية بعد جولات ماراثونية قامت بها الحكومة الجزائرية، وقد قام وزير الخارجية صبري بوقادوم بالاتصال شخصيا بنظيره الروسي سيرجاي لافروف للتعجيل بتسليم أوّل شحنة من للقاح.
ويجمع المحللين في الجزائر على أن الدبلوماسية الجزائرية والمؤسسة العسكرية لعبتا دورا رائدا لضمان وصول الشحنة الروسية في الموعد الذي حدده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقد رصدت لتلك الخطوة حوالي 123 مليون يورو لشراء ما يلزم الجزائر من اللقاح.
وقال الباحث وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر رضوان بوهديل لـ"سكاي نيوز عربية :"مسألة تمكن أي دولة من جلب لقاح كورونا تحولت إلى قضية استراتيجية وتحدي يواجه أي الدولة، منها الجزائر".
ويؤكد بوهديل أن تمكن الجزائر من التعاقد مع عدة مخابر دولية متخصصة في إنتاج اللقاحات، يعد خطوة مهمة من شأنها خلق نوع من الاستقرار السياسي في البلاد، وقال:" ما قامت به الدولة هو ضرب لعدة عصافير بحجر واحد من خلال تحالفات خارجية استراتيجية قامت بها الجزائر".