يتوقع مراقبون أن تشهد العلاقات المغربية الإسرائيلية زخما كبيرا، وذلك بعد توقيع 4 اتفاقيات، الثلاثاء الماضي، بالرباط خلال زيارة الوفد الأميركي الإسرائيلي عالي المستوى.
ومن بين الاتفاقيات الموقعة، واحدة حول الإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة لحاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال الطيران المدني.
اتفاقيات فتحت شهية الفاعلين المغاربة في قطاع السياحة والفندقة، حيث ستكون "السياحة الدينية" المستفيد الأكبر في حلقة استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية.
في هذا الصدد، أكد الخبير في العلاقات الدولية، عبدالحفيظ ولعلو، ورئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، لموقع"سكاي نيوز عربية"، أن "هذه الزيارة تعكس الإرادة المشتركة من أجل تعاون تجاري وتكنولوجي وسياحي بين البلدين".
وأضاف أن "اليهود المغاربة المقيمين بإسرائيل ومختلف بقاع العالم، لهم ارتباط وثيق ببلد الأجداد، وبإمارة المؤمنين".
كما أوضح ولعلو أن "المغرب بلد تعايش، وسيحافظ على التوازن في علاقاته الدبلوماسية، بمواصلة دعمه الثابت للقضية الفلسطينية".
وتتوقع وزيرة السياحة المغربية، نادية فتاح العلوي، أن يزور المغرب أكثر من 200 ألف سائح إسرائيلي في العام 2021 المقبل.
وفي تصريح لقناة "كان" الإسرائيلية، قالت المسؤولة المغربية إن "عدد السياح الإسرائيليين الذين سيزورون المغرب سيتضاعف من 50 ألفا إلى 200 ألف بعد إطلاق رحلات جوية مباشرة بين المغرب وإسرائيل، في العام 2021 المقبل".
من جانبه، أكد مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، لوكالة الأنباء المغربية، أن "التطورات الأخيرة تحمل بعدا إنسانيا قويا يتمثل في المحافظة على الذاكرة اليهودية المغربية".
وفي هذا السياق، يضيف الباحث الجامعي: "ستتاح الفرصة لملايين اليهود المغاربة القدوم لبلدهم الأصلي، الذي تجمعهم به روابط العاطفة، والهوية والانتماء"، مبرزا أن "هذا سيسمح لليهود المغاربة بزيارة عائلاتهم والذهاب إلى الأماكن المقدسة، الكثيرة في المغرب، وبأداء المناسك الخاصة بهم".
وجهات اليهود المفضلة في المغرب
وتعتبر مدن الصويرة وتنغير والدار البيضاء ووزان وتارودانت وفاس، الوجهات المفضلة للسياح اليهود داخل المغرب، حيث يعود المستقرون بإسرائيل وبدول أخرى لزيارة ما يمثل بالنسبة لهم "مسقط الرأس"، فضلا عن احتضان مدن مغربية كثيرة لمقابر ومزارات الأجداد.
وحسب الباحثين فإن المغرب يضم 36 معبدا، وعددا كبيرا من الأضرحة والمزارات اليهودية.
ومن أبرز المناسبات الدينية التي يحتفل بها اليهود في المغرب، ما يعرف ب"الهيلولة"، أو ليلة "الهيلوليا" ومعناها "سبحوا الله". وتمتد الاحتفالات بهذا الموسم لأسبوع تحيي فيه الطائفة اليهودية، كل سنة، عاداتها وتقاليدها وتستحضر من خلالها قيم التعايش والتسامح بين الديانات السماوية.
وتعرف الليلة عدة طقوس دينية واحتفالية، أبرزها ليلة "الشعالة"، حيث يقوم الزوار بإشعال عدد كبير من الشموع، وإضاءة القبور وجنبات المدافن والمسالك التي تؤدي إليها، كما يعرف الموسم عملية بيع الشموع، فكل شمعة تباع، يبارك كل فرد من أفراد الأسرة للمشتري، وكذا جمع التبرعات، قبل أن يتوجه الجميع إلى حضور طقس الذبيحة، الذي يعد حدثا مركزيا في الاحتفالات.
في سياق متصل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعبية، لوسائل إعلام مغربية، "أن الجالية اليهودية التي تعيش في المغرب شكلت على الدوام جسر تواصل للسلام بين الشعبيين، كما أن اليهود من أصل مغربي الذين يعيشون في إسرائيل وعددهم أكثر من مليون نسمة، كانوا وما يزالون يحافظون على التقاليد والثقافة المغربية بكل تجلياتها بما في ذلك الفن والأكل والغناء".
أما في المغرب فيحتفظ اليهود بالأحياء التي سكنها أجدادهم، وتعرف باسم "الملاح" ، وهو لقب يطلق على الحي اليهودي بالمغرب.
ويعود أول حي يهودي تم بناؤه بمدينة فاس إلى بداية القرن الثالث عشر الميلادي في منطقة كان يجمع فيها الملح ويخزن تمهيدا لتصديره عبر القوافل لأوروبا.
ويشيد اليهود المغاربة دائما بالموقف التاريخي للسلطان الراحل محمد الخامس، الذي رفض إملاءات الدول المستعمرة، بعد مطالبة حكومة فيشي الفرنسية، التي أنشأها النازيون إثر احتلالهم لفرنسا عام 1939، للمغرب بتسليم يهوده إلى معسكرات الاعتقال النازية.
وقال قولته الشهيرة: "أنا لست ملكا للمسلمين فقط، وإنما ملك لكل المغاربة". وكان عدد اليهود آنذاك - حسب بعض المصادر الرسمية- أكثر من 300 ألف يهودي.
وأصبح اليهود المغاربة في إسرائيل اليوم، قوة لا يستهان بها، فمن بين كل ستة إسرائيليين هناك إسرائيلي من أصل مغربي، وأغلبهم يحافظون على الجنسية المغربية بموجب القانون المغربي الصادر عام 1976، القاضي بعدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة من المهاجرين.