يبذل الاتحاد الأوروبي مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جهودا لإنقاذ أطفال ليبيا من التسرب من التعليم، وهي أزمة تفاقمت خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأجرت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا زيارة لمركز "بيتي"، حيث يستطيع مئات الفتيان والفتيات متابعة دراستهم عبر الحصول على كتب ومواد تعليمية أخرى، وكذلك استخدام الحواسب الإلكترونية التي يتم استخدامها في الدراسة.
وقالت اليونيسيف في تقارير عدة إن عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية في ليبيا يناهز 348 ألفا، يعانون نقصا في الغذاء والرعاية الصحية والتعليم واكتساب المهارات اللغوية المختلفة، فضلا عن تلقى المواد العلمية التي تبنى شخصيتهم ومسارهم التعليمي.
ويقول المستشار الأسبق بالأمم المتحدة لحقوق الإنسان أشرف الدعدع، إن جهود أوروبا واليونيسيف تساعد على توفير أبسط حقوق الطفل الليبي في وقت النزاعات المسلحة، طبقا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب الموقعة عام 1949.
وتنص الاتفاقية المذكورة على حماية عامة للأطفال باعتبارهم أشخاصا مدنيين لا يشاركون في الأعمال العدائية، وتم تدعيمها بالاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل في عام 1989، وشكلت منعطفا حاسما في تاريخ الطفولة، حيث بات ينظر إلى حقوق الطفل على أساس أنها حقوق إنسانية وعالمية لا يمكن التغاضي عنها.
وأشار الدعدع إلى أن "هذه الخطوات من المنظمة الدولية لها الأثر الكبير في حماية الأطفال من الوقوع في عمليات الاتجار بالبشر، التي تستغلها العديد من العصابات الدولية في تنفيذ مخططها بالدول ذات النزاع الداخلي على السلطة، كما أنها تؤسس لرسالة المنظمة الدولية في تحقيق أهدافها".
وتسببت الحرب في ليبيا منذ عام 2011 وحتى الآن في هدم العديد من المدارس أو إلحاق الضرر بها، مما أدى إلى إغلاق عدد كبير منها على خلفية المعارك المتواصلة.
وخلال عام 2020 انتشر وباء كورونا مع استمرار توتر الأوضاع داخل ليبيا، مما عرض آلاف الأطفال إلى خطر التخلف عن مسارهم التعليمي، رغم الجهود الأممية ودول الجوار الليبي في تهدئة الأوضاع من خلال عدة اجتماعات أو تفاهمات سياسية.
وساهم الاتحاد الأوروبي بمساعد الجمعيات الأهلية الليبية في إنشاء مراكز للتعليم الإلكتروني للشباب في سن الدراسة، وهو مشروع يموله عبر الصندوق الائتماني الأوروبي ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، في إطار برنامج "دعم البلديات في ليبيا".
وتلقى أكثر من 60 طالبا وطالبة عبر هذا البرنامج، تدريبات في التصوير الفوتوغرافي والتحرير وصيانة الهاتف المحمول، وقد ساهمت وزارة الخارجية الفرنسية في تحمل تكاليف هذه الأنشطة التي تنفذها وكالة المساعدة على التعاون التقني والتنمية (ACTED) في إطار هذا البرنامج.
وقالت أسماء بوشوشة المعلمة بوزارة التعليم الليبية، إن برنامج دعم البلديات في ليبيا ساهم في توفير الأجهزة التعليمية للطلاب بهدف دعم مواهبهم وأفكارهم، وتعويضهم عن الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد حاليا.
وأضافت أسماء أن "التعاون بين أوروبا وبعض المؤسسات الأهلية في ليبيا غيّر من ثقافة التعليم في البلاد، وواكب متطلبات العصر والأوضاع العالمية بسبب جائحة كورونا في الاهتمام والاعتماد على التعليم عن بعد".
وأشادت أيضا برغبة الأطفال في المضي قدما في تحصيل العلوم المختلفة والمهارات الفنية، من أجل تكوين شخصياتهم.
ويشارك الاتحاد الأوروبي في تمويل برنامج "دعم البلديات" الذي تنفذه الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، ويدعم البرنامج 16 بلدية ليبية شريكة لضمان تقديم أفضل الخدمات على المستوى المحلي، والوصول إلى الفئات الأكثر تهميشا بما فيها النساء والمهاجرون.
وساهم المشروع أيضا في معالجة تضرر العديد من المدارس التي دمرت أثناء الصراع الليبي، أو اضطرت إلى إغلاقها بسبب استمرار النزاع في 2020.