أحيت تونس مع المجتمع الدولي اليوم العالمي لحقوق الإنسان في ال10 من ديسمبر، ذكرى تزامنت مع مرور عشر سنوات على ثورة التونسيين على نظام بن علي التي نادوا خلالها بمزيد من الحقوق والحريات.
غير أن المنظمات الحقوقية سجلت في الفترة الأخيرة تراجعا في مؤشرات الالتزام بحقوق الإنسان وضمان الحريات الفردية ويترجمها ارتفاعا لمنسوب العنف اللفظي والمادي وتهديدات خطيرة لمكاسب المرأة والطفولة والأقليات.
رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلّم قال في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية إن الرابطة سجلت بوادر تراجع في مجال الحريات العامة والفردية في البلاد رغم صدور دستور جديد للجمهورية التونسية سنة 2014 وإصدار عدة قوانين ضامنة لحقوق الإنسان إلا أن الالتزام بتطبيقها مازال دون المأمول.
وذكّر رئيس الرابطة بعدد من أحكام السجن ضد المدونين والنشطاء على خلفية آرائهم وتكرر الاعتداءات على الصحفيين ومحاولة تمرير قوانين تحد من حرية الرأي والتعبير، إلى جانب تنامي العنف المادي وخطابات التكفير والتفرقة وتحقير المرأة من داخل البرلمان دون أي ردة فعل من السلطات في استهداف واضح للدستور ولمجلة الأحوال الشخصية.
كما أشار رئيس الرابطة إلى ما شهده القضاء مؤخرا من اتهامات متبادلة بالفساد والإثراء غير القانوني والارتهان إلى ولاءات حزبية في قضايا الاغتيالات مما يمس من استقلالية السلطة القضائية وهي أهم ركيزة في الحكم الديمقراطي، في إشارة لقضية اغتيال شكري بلعيد وتورط حزب النهضة.
وأبدى جمال المسلم استغرابه من غياب أي ردة فعل من تقرير محكمة المحاسبات وما ورد فيه من تسجيل تجاوزات خطيرة خلال الانتخابات وأكد على أهمية محاسبة المتورطين والحرص على أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة لا يؤثر عليها الفاسدين ماليا واعلاميا،
وحذّر من الانتقائية التي تمارسها السلطة في تطبيق القانون لأنها بذلك تعطي صورة سلبية ورسالة خطيرة تزيد من منسوب الغضب والعنف بين الناس وتضعف الثقة في مؤسسات الدولة وقانون الدولة معبرا" نريد دولة عادلة".
وأبرز الناشط الحقوقي أن حقوق الإنسان غير قابلة للتصرف وليست شعارات يتم توظيفها حسب المصالح الضيقة للأفراد أو أنظمة الحكم بل هي خيارات مجتمعية وسياسية وواجبات قانونية.
ونددت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان بتواصل التعذيب والممارسات المهينة التي تحط من الكرامة دون تصد جدي لمرتكبيها وإفلاتهم من العقاب ودعت السلطات التونسية إلى تحمل مسؤولياتها واحترام التزاماتها الوطنية والدولية وضرورة ملاءمة قوانينها مع الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية والتجسيد الفعلي لمبادئ المواطنة واستقلالية القضاء وتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمعطلين عن العمل وتفعيل آليات قانون العدالة الانتقالية.
من جانبها قالت الكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية إن المنظمة تتبنى تماما بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأضافت أنه خلال اجتماع حول وضع حقوق الإنسان في تونس وخاصة حقوق النساء نبهت عدة منظمات منها الاتحاد العام التونسي للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمدى جدية التهديدات ضد النساء في الآونة الأخيرة.
وذكرت بالوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وعدد من المنظمات الحقوقية والنشطاء الثلاثاء الماضي أمام مجلس نواب الشعب تنديدا بما جاء على لسان أحد النواب من عنف ضد الأمهات العازبات، وطالبت بتنقيح النظام الداخلي للبرلمان لينص على معاقبة كل من يتوجه بخطاب يحرض على العنف ضد المرأة ولا يحترم بنود القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء المصادق عليه سنة 2017.
وأكدت نائلة الزغلامي أن الجمعية رصدت تهديدات حقيقية لحق التعبير وحق التظاهر والحق في التنظيم وعبرت عن تخوفها الشديد مما قد تؤول إليه الأمور فالعنف ينتج عنفا خاصة عندما تصمت أكبر كتلة في البرلمان وهي حركة النهضة تجاه هذا الخطاب كما أن رئيس البرلمان وهو رئيس حركة النهضة لم يقم بإدانة العنف الصادر عن النائب تجاه الأمهات العازبات من التونسيات وسمح بالتحريض ضد حرية النساء.
ونبهت الناشطة الحقوقية إلى أن مكسب الحريات والحقوق في تونس مهدد واستغربت من عدم تحرك النيابة العمومية والقضاء في عدة هجمات واجهتها النساء.
وأفادت أنه "طالما يعيش بيننا في مجتمعنا أناس وسياسيون يقسمون المجتمع إلى نحن وهم في إشارة لنواب ائتلاف الكرامة حليف حركة النهضة؛ فإن ذلك سيخلق مناخا يزيد من منسوب العنف".
ونظمت الجمعيات الحقوقية الجمعة وقفة تنديد أمام مجلس نواب الشعب رفعت فيها شعارات تدعم الحقوق والحريات الفردية وتدين خطابات الكراهية والتفرقة والتكفير.