تتخذ الفصائل الإرهابية المسلحة الموالية لتركيا في شمال سوريا من الخطف وسيلة للتربح والتمويل بعد طلب الفدية من أسر المختطفين، والتي تصل إلى 40 ألف دولار عن الرهينة الواحدة.
وكانت مصادر خاصة أكدت لـ"سكاي نيوز عربية" أن 10 أشخاص من مدن متفرقة من شمال شرق سوريا قد خطفوا بعد وصولهم من منبج إلى جرابلس قبل 10 أيام على يد مسلحي الفصائل السورية المسلحة في المناطق الموالية لأنقرة بينهم زوجين تزوجا حديثاً، وأكدت المصادر أن الخاطفين طالبوا بمبلغ قدر بـ20ألف دولار عن كل رهينة.
وزادت في الآونة الأخيرة شبكات تهريب البشر على طول الشريط الحدودي الفاصل بين سوريا وتركيا وبلغت منعرجاً خطيراً وزادت معها عمليات الخطف من أجل الفدية لأن الأرباح التي تجنيها مافيات الإتجار بالبشر كبيرة.
واستطلعت "سكاي نيوز عربية" الأمر والتقت بعض الناجين من براثن الميليشيات الإرهابية وشبكات الإتجار في البشر.
خديعة المهربين
شيروان محمود من أبناء مدينة القامشلي شمال شرق سوريا كان أحد ضحايا شبكة تهريب البشر اكتشف بعد وصوله للجانب التركي مع 10 أشخاص أنها مافيا مرتبطة مع قادات الفصائل السورية المعارضة وحرس الحدود التركي المعروف بالجندرما.
وقال محمود لـ"سكاي نيوز عربية" إن مهرباً يدعى سمير دخل معهم عبر قرية "باترزاني" في ريف بلدة الجوادية الحدودية شرق القامشلي قبل 9 أشهر لقاء مبلغ 3000 دولار عن كل شخص وكانت وجهته هو ورفقة دربه هي مدينة إسطنبول ليسافروا منها بحراً عبر مهربين آخرين إلى أوروبا.
وحسب محمود، فوجئوا برشقات رصاص حرس الحدود التركي تنهمر عليهم فاعتقلوهم، لكن 3 منهم والمهرب لاذوا بالفرار وهم بقيوا قيد الاعتقال وتابع مضيفا "اقتادونا الى مدينة سري كانية من الجانب التركي وسلمونا لمسلحي المعارضة في مدينة رأس العين التي احتلتها أنقرة العام الفائت".
40 ألف دولار عن كل رهينة
ويقول شيروان أنهم بقوا في سجون مسلحي الفصائل قرابة الـ10 أيام تعرضوا خلالها لضرب مبرح على يد السجانين وسلموا بعدها لجبهة النصرة بعد نقلهم لمدينة إدلب فغابوا في غياهب سجنها لـ4 أشهر، وتوعدهم خلالها مسلحي الجبهة بحز رؤوسهم بعد تلفيق عدة تهم لهم وأولها أنهم مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردية.
وأوضح شيروان أن شخصاً يدعى أبو ماريا العراقي كان مسؤولاً عن إجراء التحقيق معهم فعرض عليهم التواصل مع عوائلهم وطلب فدية مالية قدرها 40 ألف دولار عن كل شخص مقابل تحريرهم.
قبض الفدية وقتل الرهينة
وكشف مدير منظمة حقوق الإنسان في عفرين، التي تعمل في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، إبراهيم شيخو، عن توثيق المنظمة العديد من حالات قتل الرهائن بعد استلام الفدية من قبل قادات الفصائل وجبهة النصرة وصلت لأكثر من 10 حالات.
وتحدث شيخو لـ"سكاي نيوز عربية" عن مقتل طفل عمره 11 عاماً في سجون جبهة النصرة في إدلب يدعى بطال حسن المتحدر من ريف عفرين كان قد هرب مع عائلته إلى مدينة هاتاي التركية أثناء احتلال مدينته واعتقل من قبل الشرطة التركية قبل شهور بتهمة التعامل مع منظمة كردية إرهابية.
وأضاف "الأمن التركي قام بترحيل الطفل إلى إدلب وسلموه لتنظيم جبهة النصرة بعد أن أثبت محاميه براءته من التهمة الملفقة له، لكنه لقي حتفه ذبحاً على يد الجبهة رغم أن عائلته دفعت الفدية المالية التي طالبتها الجبهة وكانت 10 آلاف دولار".
ولم يكن بطال الرهينة الوحيدة، التي لقيت حتفها بعد دفع الفدية فقد نشرت منظمة حقوق الأنسان في عفرين على صفحتها الرسمية على فيسبوك مقطع فيديو لشابة تعرف عن نفسها أنها ابنة شقيق أبو وائل المنبجي بن حمومة قائد فصيل صقور الشرقية سابقا تتحدث فيه عن خطف عمها لشاب كردي أثناء مرور الأخير على حاجز عون الدادات بين منبج وجرابلس.
وكشفت الشابة أن المنبجي، الذي يعمل حاليا في صفوف الشرطة العسكرية قد طلب 50 ألف دولار من شقيقة الشاب وقتل الرهينة بعد استلامه للفدية.
شركاء الشبكة
وليد منان مدني من عفرين قتل شقيقه برصاص الجيش التركي قبل سنتين أثناء محاولته الفرار من مدينته بعد سيطرة الفصائل المتشددة المعارضة عليها بدعم تركي في مارس 2018.
وأكد منان لـ"سكاي نيوز عربية" أن مقتل واعتقال عشرات الشباب الكردي من عفرين الفارين من جحيم مدينتهم على يد الجيش التركي والمجموعات السورية المسلحة.
وأضاف "شبكة الاتجار بالبشر في شمال شرق سوريا يديرها قيادات الفصائل السورية المعارضة بالتنسيق مع الجندرما التركية الذين يعتقلون الرهائن ويسلمونهم لقادات الفصائل وهم بدورهم يبتزون المختطفين ماديا بمبالغ خيالية تتقاسمها الشبكة ولكل حصته".
طرق التهريب
تنتشر تجارة تهريب البشر عبر الحدود، من خلال المهربين فآلاف السوريين عبروا خلال سنوات الأزمة السورية تلك الحدود في أوقات متفرقة، دفع بعضهم مبالغ كبيرة ليعبروا طرقا مختلفة بينها ما هو آمن نسبيا وقصير، وبين ما هو وعر وخطر، وفق ما يذكره عيسى خليل شاب ثلاثيني عمل مهرباً بين سوريا وتركيا قبل انتقاله للعيش في أوربا قبل 7 شهور.
وكشف خليل لـ"سكاي نيوز عربية" عن خطورة كل طرق التهريب من شمال سوريا إلى داخل الأراضي التركية، لكن أكثرها رعباً هي بوابة مدينة رأس العين فلم يسلم العابرون منها من عمليات خطف وطلب الفدية أو انتظار الموت.
وعرض خليل قائمة أسعار التهريب من مَنْبِج إلى جرابلس شمال شرق محافظة حلب ثم إلى تركيا تكلفتها 3000 دولار لكبار السن والعائلات يشرف عليها قيادات الفصائل السورية، أما من منبج إلى إدلب فتسعيرة المهربين تتراوح بين 3000 و3500 دولار لكل شخص.
توثيق
من جانبه، قال مدير مركز توثيق الانتهاكات في شمال شرق سوريا، مصطفى عبدي، لـ"سكاي نيوز عربية" إن المركز أحصى (1084) حالة اختطاف وطلب فدية طالت المدنيين على يد الفصائل السورية المسلحة، بينهم (7027) حالة اعتقال و(1016) حالة تعذيب، فيما لا يزال مصير بقية المعتقلين مجهولا.
وبموجب القرارين 2331 (2016) و2388 (2017) كانت الأمم المتحدة قد دعت المفوضية والمجتمع الدولي إلى العمل على التصدي للإتجار بالأشخاص خلال النزاعات المسلحة، لا سيما المتعلقة بأنشطة التنظيمات الإرهابية المسلحة.