قالت مصادر دبلوماسية مصرية أن زيارة فتحي باشاغا، وزير داخلية حكومة السراج، تأتي في إطار مساعي القاهرة وانفتاحها على جميع الأطراف لإنهاء الأزمة الليبية التي طالت لما يقرب من 10 سنوات.
وأفادت المصادر الدبلوماسية التي فضلت عدم تسميتها، أن زيارة فتحي باشاغا للقاهرة الأربعاء تأتي في إطار تحركات مصر مع كافة الأطراف الليبية والشخصيات المؤثرة في الشأن الليبي وذلك انطلاقا من دور مصر الرائد لتقريب وجهات النظر بين الأقطاب السياسية والأمنية في ليبيا، وذلك من منطلق حرص القاهرة على استقرار الأوضاع في ليبيا، ونظرا لما تتمتع به مصر من رصيد تاريخي لدى كافة أبناء الشعب الليبي.
وقالت المصادر إن باشاغا يسعى لمد جسور الثقة مع القاهرة بوساطات دولية، تمهيدا لطرح نفسه رئيسا للوزراء في الحكومة الليبية المقبلة، خلفا لحكومة السراج المختلف على شرعيتها، والتي تسببت في التدخل العسكري التركي في غرب ليبيا بما يهدد الأمن القومي المصري.
كما أكدت مصادر مقربة من اللجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي، أن القضايا المطروحة للنقاش في اللقاء هي سبل مكافحة الارهاب، وتفكيك الميليشيات المسلحة وإمكانية إعادة دمج عناصرها في المؤسسة العسكرية الليبية والمؤسسات الأمنية والشرطية، بالإضافة إلى إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا مع تأكيد القاهرة على عدم صحة تمكين الأيدولوجيات المتطرفة، والمتعاونين مع التنظيمات الإرهابية، من مستقبل ليبيا بعد ما مرت به ليبيا خلال العقد الماضي من انقسام وضياع للدولة واقتتال بين أبناء الوطن الواحد بسببها
وتأتي زيارة باشاغا للقاهرة قبل انعقاد المسار السياسي الليبي في تونس 9 نوفمبر الجاري والذي من المقرر أن ينتج عنه اختيار رئيسا للمجلس الرئاسي ونائبين له موزعة على الأقاليم الليبية الثلاثة، ورئيس حكومة منفصل يتولى إدارة المرحلة الانتقالية لمدة عام ونصف تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وفي إطار انفتاحها على كافة الأطراف الليبية، استضافت القاهرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة عدة لقاءات جمعت الليبيين من كافة أنحاء ليبيا بالتنسيق مع البعثة الأممية في ليبيا في إطار رعاية تدابير الثقة بين الليبيين وفقا لمخرجات برلين وقرار مجلس الأمن رقم 2510 وإعلان القاهرة وتفاهمات أبوظبي.
واستضافت القاهرة في أغسطس الماضي لقاء جمع أعضاء من البرلمان الليبي وقيادات من مصراته، أسفرت عن البدء في الإفراج عن المحتجزين الليبيين على الهوية لدى أبناء البلد الواحد.
كما استضافت مدينة الغردقة المصرية نهاية سبتمبر الماضي لقاء للعسكريين الليبيين أسفر عن تقريب وجهات النظر، واعتبر تأسيسا للاتفاق العسكري الليبي في جنيف 23 أكتوبر الماضي، والذي خرجت نتائجه إيجابية في إطار تثبيت وقف إطلاق النار وإخراج القوات الأجنبية وسحب المرتزقة وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها وإيقاف كل الاتفاقيات المبرمة بين الرئيس التركي أردوغان وحكومة فايز السراج، وهو الاتفاق الذي رحبت به القوى الدولية واعتبره مجلس الأمن نقطة انطلاق نحو الحل الشامل في ليبيا.
وتأسيسا على اتفاق جنيف، قامت اللجنة العسكرية الليبية بعقد أول اجتماعاتها في مدينة غدامس جنوبي غرب ليبيا وتوصلت اللجنة في الختام إلى عدة قرارات من بينها تثبيت وقف إطلاق النار وإنشاء آلية للرقابة عليه.
وقالت ستيفاني ويليامز في تصريحات لها بعد ختام الاجتماعات مساء الثلاثاء، إن اللجنة العسكرية اتفقت على تشكيل لجنة للإشراف على عودة القوات إلى مقراتها، لافتة إلى أنه تم اختيار مجمع وأجادوجو بمدينة سرت ليكون مقرا رئيسيا للجنة العسكرية.
وأشارت ويليامز إلى أن "اللجنة العسكرية المشتركة ستعقد اجتماعها الثاني في ليبيا خلال الشهر الجاري بمقر اللجنة في سرت"، مؤكدة أن "المشاركين سيطالبون مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم لتنفيذ ما تم التوصل إليه في اتفاق جنيف الخاص بوقف إطلاق النار الموقع بتاريخ 23 أكتوبر الماضي.