لا حديث يعلو، حاليا، في الشارع المغربي على التكهنات بإمكانية العودة إلى الحجر الصحي الشامل، لأجل كبح انتشار وباء كورونا، وسط تحذير من انتشار أخبار زائفة على مواقع التواصل الإجتماعي، تثير حالة من "الحيرة والاضطراب".
وتحركت السلطات لفتح تحقيق من أجل الوصول إلى الجهات التي تقف خلف تلك الأخبار، والتي تأتي أحيانا في صيغة بلاغات مزيفة باسم رئاسة الحكومة.
وقد سجل المغرب، الثلاثاء، حصيلة يومية قياسية لأعداد الإصابات والوفيات، مع ما يناهز 4500 إصابة، و74 وفاة. ويتجاوز العدد الإجمالي للإصابات 220 ألف حالة.
فهل يقف المغرب، فعلا، على أعتاب عزل ثاني؟ وكيف وصل إلى هذه المرحلة؟
وفي جلسة برلمانية عقدت، الثلاثاء، لم يستبعد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني العودة إلى الحجر الصحي، قائلا " لا أحد يتمنى العودة إلى الحجر الصحي الشامل، لما له من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية هائلة، لكنه يبقى خيارا ممكنا إذا خرج الوضع الوبائي عن السيطرة."
وحذر العثماني من " أن أي تدهور في الوضع الصحي سيضطر الحكومة إلى تشديد أكبر في الإجراءات الاحترازية الجماعية".
ويفرض المغرب حاليا، إجراءات مشددة بعدد من المدن والجهات، التي تسجل حصيلة مرتفعة للإصابات بكوفيد 19. وتبرز الدار البيضاء ضمن المدن التي تشهد أكبر عدد من القيود، حيث تحتل العاصمة الاقتصادية، المرتبة الأولى في السلم الوبائي، بما يناهز نصف إجمالي الإصابات والوفيات المسجلة على الصعيد الوطني.
الحجر الصحي...قرار سيادي
وخلال الجلسة التي خصصت للسياسيات الحكومية لمعالجة تحديات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل تداعيات جائحة كورونا، أشار رئيس الحكومة المغربية، إلى أن جميع القرارات التي تتخذها البلاد تعد قرارات وطنية سيادية، تبنى انطلاقا من معطيات دقيقة، موضحا أن هناك هيئات علمية وهيئات مختصة، للتتبع والتقييم والاقتراح واتخاذ القرارات الضرورية.
من جهته، أكد معاذ المرابط منسق المركز الوطني لعمليات طوارئ الصحة بوزارة الصحة، أن قرار فرض الحجر الصحي لا يرتبط فقط بالحالة الوبائية، وإنما هو قرار سيادي مرتبط بعدة جوانب تحددها الحكومة، خاصة لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أوضح المرابط، أن الإغلاق التام، انطلاقا من المعطيات الصحية، يفرض عند تسجيل " انتكاسة وبائية"، والحال أن المغرب لم يصل "بعد إلى هذا المستوى".
وضع وبائي تحت السيطرة
وأكد المسؤول في وزارة الصحة المغربية، أن المنظومة الصحية المغربية، لا تزال متماسكة، وأن البلاد لم تصل بعد إلى مرحلة انتشار الوباء، بشكل كبير، في كل المناطق والجهات. كما أن معدلات الإماتة التي تستقر في 1,7 في المئة ما تزال أقل من النسب المسجلة على الصعيد العالمي.
في المقابل، أكد معاذ المرابط على ضرورة الالتزام بالتدابير المسطرة، لتجنب "انتكاسة"، خاصة مع الارتفاع المستمر في أعداد الإصابات والوفيات.
وبحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة، يبلغ عدد الحالات الخطرة أو الحرجة 869 حالة، في حين وصل إجمالي الحالات تحت التنفس الاصطناعي 70 حالة.
وعزا منسق المركز الوطني لعمليات طوارئ الصحة بوزارة الصحة، الارتفاع المسجل في أرقام الإصابات، إلى تعزيز عمليات الفحص، حيث يحتل المغرب الرتبة الثانية افريقيا، على مستوى اختبارات الكشف عن كوفيد 19، إضافاة إلى حالة التراخي بين المواطنين، منذ رفع الحجر الصحي الشامل في الصيف الماضي.
كلفة باهظة.
ويحذر خبراء مغاربة، من أن الكلفة الاقتصادية، لحجر صحي جديد، ستكون مرتفعة خاصة وأن الاقتصاد الوطني لم يتعافى بعد من تداعيات أشهر الإغلاق التام الذي فرضه المغرب في مارس الماضي.
وفي معطيات جديدة كشف عنها، الاثنين، توقع صندوق النقد الدولي انكماشا في الناتج الداخلي الخام للمغرب، بما بين 6 و 7 في المئة خلال السنة الجارية، مع ارتفاع في عجز الميزانية، وتراجع حاد في معدلات البطالة.