أمن قبيل المفارقة والصلف والتورية والغرور، أم في مسعى لكسب التعاطف في غمرة الاتهامات بالفضائح الجنسية وغير الأخلاقية التي تلطخت سمعته بها، يعتزم حفيد مؤسس جماعة الإخوان، طارق رمضان، افتتاح مركز أبحاث وتدريب يُعنى بالدين، والإنسانية، وحقوق المرأة والأخلاق والقانون؟
فقد أعلن "الداعية" المزعوم على حسابه على موقع فيسبوك، أن "مركز شفاء"، الذي لا يعرف حتى الآن المكان الذي سيتخذ منه مقرا له، سيتم افتتاحه منتصف أكتوبر المقبل.
وعن فكرة إنشاء المركز، يزعم حفيد مؤسس جماعة الإخوان أن مركز "شفاء يحيلنا إلى مجالات مختلفة من الفكر الإنساني ويدعونا إلى التفكير في الكل بقدر ما هو الجزء، الخلق بقدر ما هو الإنسان، المجتمعات بقدر ما هي الفرد."
إلا أن فكرة إنشاء المركز الطوباوية، ما هي إلا نموذج لادعاء الطهرانية الزائف، حيث أنها تتناقض جملة وتفصيلا مع الاتهامات بالفضائح والممارسات الجنسية التي مرغت سمعة طارق رمضان، والذي يقدم نفسه زيفا أمام العالم كـ"مفكر" ديني، وباطن أحواله تنأى ظهريا عن ذلك.
فالمذكور يخضع للتحقيق منذ مطلع 2018 بتهم تتعلق باغتصاب امرأتين في فرنسا عامي 2009 و2012. كذلك رفعت شكوتان بتهمة الاغتصاب بحق رمضان في مارس 2018 ويوليو 2019 وفتحت تحقيقات في هذا الملف.
كما أقر رمضان، وهو متزوج وله 4 أبناء، بأنه أقام علاقات جنسية مع امرأتين فرنسيتين بالتراضي، إحداهن من ذوي الاحتياجات الخاصة تدعى كريستيل بينما الأخرى هي الناشطة النسوية هند العياري. لكنه يواصل نفي الاتهامات بأنه اغتصبهما والتي أدت إلى فتح تحقيق رسمي بحقه.
وكشف خبير عن 399 رسالة نصية بين "الداعية" رمضان وكريستيل تضمن بعضها خيالات جنسية عنيفة مفصلة.
وفي ديسمبر 2018، قال تقرير صحفي إن المحققين في اتهامات الاغتصاب التي تلاحق رمضان، أفضت إلى العثور على 776 صورة جنسية لرمضان، من بينها صور "سيلفي" مع نساء في وضعيات غير أخلاقية.
وقبل اتهام الادعاء الفرنسي لطارق رمضان رسميا، دفع المذكور لسادسة، بلجيكية مغربية، 27 ألف يورو، لتوقف نشر تفاصيل علاقتهما على الإنترنت، في اتفاق علني، في مايو 2015، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس عن رئيس محكمة بروكسل، لوك هينارت.
رمضان وكتب السيرة المشينة
وفي كتابه "طارق رمضان ..قصة دجال"، يسرد الصحفي الفرنسي يان هامل في 300 صفحة، السيرة الذاتية لرمضان لأكثر من 20 عاما منذ صعود نجمه مستفيدا من دعم الكثير من البلهاء، وحتى أفوله بعد نشر غسيله القذر في قضايا ما تحت الأنفاق، التي تراوحت بين تهم الاغتصاب والاستغلال الوظيفي والخروج عن القانون وانتهاك حقوق الإنسانية.
ويصف مؤلف الكتاب، حفيد مؤسس الإخوان بالرجل الخطير والدجال الذي يتلحف بديباجة العفة وثوب الاعتدال بينما يعيش في الخفاء ولربع قرن من الزمان ازدواجية في حياته بالانغماس بالحياة المنحلة من أخمص قدميه لقمة راسه.
وفي كتابها "قضية طارق رمضان.. الجنس والأكاذيب، سقوط الأيقونة"، تكشف الصحفية الفرنسية برناديت سوفاجيه، عن قناع الحمل الذي كان يرتديه الذئب وتفضح تناقضاته، وانحرافه المعروف لدى الدوائر المحيطة به في فرنسا وسويسرا.
"مركز شفاء" والدعم القطري
ويرى البعض أن مشروع إنشاء مركز "شفاء" الذي ينوي حفيد مؤسس الإخوان افتتاحه، يأتي في إطار الدعم القطري لعودة طارق رمضان مجددا وتقديمه إلى العامة، إما لإسكاته عن فضح "ما خفي" عن علاقاته الخاصة بالسلطات القطرية وهي أعظم، أو لمحاولة توظيفه مرة أخرى، كما زرعته الدوحة في السابق بأموالها المسمومة في أروقة جامعة أكسفورد العريقة، كبوق للإخوان لتنفيذ مآرب الدوحة الإخوانية في دول أوروبا والغرب.
وبحسب مذكرة لوكالة تراكفان الرسمية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية والمتخصصة بمكافحة الاحتيال المالي وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في فرنسا، كان طارق رمضان يتلقى نحو 35 ألف يورو شهريًا من قطر منذ عدة سنوات، نظير خدماته كمستشار لمؤسسة قطر التي تعتبر قناة التمويل لأفكار الإخوان الإرهابية في جميع أنحاء العالم.
ومؤخرا، كشفت مصادر دبلوماسية خاصة أن السفير القطري في باريس حذر طارق رمضان من كشف تفاصيل علاقته "الخاصة" الحميمة بالسلطات القطرية لوسائل الإعلام الفرنسية، بعد أن هدّد بذلك رمضان في تصريحات صحافية في الفترة الأخيرة.
وجاء التوتر في علاقة طارق رمضان بالدوحة بعد محاولته الحصول على المُساعدة من السفارة القطرية في باريس، "لإعادة تأهيله أكاديمياً ودعوياً" بعد سلسلة الفضائح التي طالته، ليعلن في نهاية المطاف عن نيته إنشاء مركز شفاء؛ بعد أن مزقت الفاقة ثوب عفتة، فأكثر من يتحدث عن الأمانة اللص وأبلغ من يتحدث عن الكرامة الذليل، وأكثر من يتحدث عن الشرف... قد يكون "شفاء"!