مثل آلاف العمال المهاجرين، وجد عامل كيني نفسه في قطر. كان يعتقد أنه سيحقق أحلامه هناك، دون أن يدري أن الأمر سينقلب إلى كابوس.
وروى هذا العامل الكيني قصته إلى منظمة هيومان راتيس ووتش الحقوقية. فقد كان واحدا من بين 93 عاملا أجرت المنظمة مقابلات معهم في تقرير آخير سلط الضوء على الانتهاكات التي يرتكبها النظام القطري بحق العمال المهاجرين، قبيل كأس العالم 2022، الذي يشيد هؤلاء المرافق الخاصة به.
وفضّل العامل عدم كشف هويته، حفاظا على سلامته وحتى لا يتعرض له النظام القطري.
وكان العامل الكيني يعلم، أن العمل في قطر شاق للغاية، لكنه قال في نفسه " إنه يمكنني من إرسال الأموال باتنظام إلى عائلتي حتى يعيشوا بشكل لائق".
ومن بين أحلامه البسيطة أن يرى المنتخب الإيطالي، فريقه المفضل، في كأس العام 2022، لكن أحلامه تحطمت بعدما رأى الطريقة التي تعامل بها السلطات القطرية العمال.
وقال: "في أرض أحلامي (قطر)، كل يوم يبدو وكأنه كابوس".
ويدفع معدل البطالة المرتفع في كينيا، آلاف الشباب نحو الهجرة، وكان واحدا من هؤلاء أحد أصدقاء عائلة العامل، الذي قدم إلى قطر للعمل في قطاع الضيافة، ويقول العامل "بدا لي أنه يتمتع بحياة كريمة".
وتابع: "حدثني عن غياب ضريبة الدخل ووعدني بالمساعدة في الحصول على تأمين صحي".
بداية المأساة
كان يتوقع الشاب الكيني أن رحلة الوظيفة سهلة، لكنه فوجئ بأن وكيل التوظيف يطالبه بـ1500 دولار، باعتبارها رسوم استقدام.
ورغم ضخامة المبلغ، إلا أن العامل تمكن من جمعه عبر عائلته، التي قالت إنها ستدخل في أزمة مالية، لكن الأمر يستحق، إذ إن الابن سينطلق في تحقيق أحلامه.
وكان الاتفاق بين الطرفين على أن يستلم الشاب الكيني وظيفة حارس أمن، ليتفاجئ بعد الاتفاق والمدفوعات غير المستردة أن الوظيفة: عامل تنظيف.
واكتفى وكيل التوظيف بالقول: "لا تقلق، عندما تصل قطر يمكنك تغيير وظيفتك".
ولدى الوصول إلى الدوحة، بدأت الحقائق تتكشف، إذ كان من المفروض أن يقابل صاحب العمل، وهذا لم يحدث، وبعد أن أجرى العديد من المكالمات، قال له "اذهب إلى مكان إقامتك".
وكان وضع السكن "مريعا"، حسبما يقول العامل، إذ وجد في غرفة واحدة 4 عمال آخرين كانوا في حالة يرثى لها، بلا أسرّة، بل مجرد مراتب صغيرة ومتسخة، تتحرك حولها الحشرات.
رغم ذلك، قال العامل "رغبت في أن أكون متفائلاً وقررت التحدث إلى صاحب العمل في الصباح حول تغيير الوظائف".
وبالفعل، وافق صاحب العمل على مساعدته، لكنه أجبره على العمل شهرا كاملا بلا راتب.
وتلقى الرجل عرضا للعمل في شركة أمنية، بدا الأمر عادلا، عبر ثماني ساعات من العمل يوميا مقابل 1500 ريال قطري (412 دولارا)، وبوسعه رفع الراتب عن طريق العمل الإضافي، على أن يكون السكن والتأمين الصحي على عاتق صاحب العمل.
وبعد تأخير من جانب الشركة الأولى، تمكن العامل الأفريقي من الالتحاق بوظيفة حارس أمن، وهناك كانت مصيبة أخرى، لم يرتق السكن إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية: "تكديس عشرة منا في غرفة صغيرة، ويتشارك حوالى 15 شخصًا في المرحاض، وحوالى 60 شخصًا في المطبخ، الذي تم بناؤه لعدد قليل من الأشخاص".
منذ ذلك الحين، يؤدي حارس الأمن الكيني وظائف في أماكن مختلفة، بسبب طبيعة عمل الشركة، مما يجبره على النوم في أماكن العمل أحيانا، ويقول "ذات مرة كنت أنام في المنشأة التعليمية التي كنت أحرسها.".
وتابع: "على مدار الشهر الماضي، كنت أتشارك غرفة مع خمسة رجال آخرين من شركتي، ولفترة من الوقت ، تسرب الماء من مكيف الهواء إلى أسرتنا".
لا رواتب
ولاحقا، أصبحت الشركة تتجاهل دفع أجرة ساعات العمل الإضافي، وأصبح يعمل سبعة أيام في الأسبوع دون يوم عطلة، وتتأخر الأجور لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وخلال هذا الوقت لا يقدموا لنا حتى ثمن الطعام".
ولم يتلق راتب مارس إلا في يونيو ولم يصل راتب أبريل إلا في يوليو، ولم يحصل حتى الآن على رواتب أشهر مايو ويونيو ويوليو.
وتابع: "كل يوم يتأخر فيه راتبي، أغرق في الديون، لأنني أرسل 1000 ريال قطري (275 دولارًا) شهريًا إلى عائلتي وليس لدي خيار سوى اقتراض المال مقابل الطعام".
وقال:" أعيش هنا منذ أكثر من ستة أشهر ، لكن لم أحصل على بطاقة هوية قطرية، رغم أنها إلزامية للعمال المهاجرين.".
وتابع:" أخبرني موظفون آخرون أن إصدار شركتنا لبطاقات الهوية يستغرق من ثمانية إلى عشرة أشهر. بدون البطاقة لا يمكنني تقديم شكوى إلى وزارة العمل. لا أستطيع حتى الخروج من مسكني، فإذا عملت ذلك أخاطر بالاعتقال".
وأضاف: "لم أحصل على يوم عطلة واحد منذ أن بدأت العمل قبل ستة أشهر. أنا في حاجة ماسة إلى بضعة أيام إجازة لمحاربة التعب، ومع ذلك ، فأنا أيضًا في أمس الحاجة إلى راتب كامل لتوفير حياة كريمة.