قدمت ثلاثة أحزاب معارضة في المغرب، مؤخرا، مذكرة حول "الإصلاح السياسي والانتخابي"، فيما انطلقت الاستعدادات لانتخابات البرلمان المرتقبة في سنة 2021.
وجرى تقديم المذكرة، يوم الأربعاء الماضي، من قبل أحزاب الأصالة والمعاصرة (حداثي) والاستقلال (محافظ) والتقدم والاشتراكية (يساري).
واقترحت المذكرة إحداث لجنة وطنية للإشراف على الانتخابات، فضلا عن مقترحات بشأن تمثيل النساء والشباب وقوائم التصويت.
وأثار التنسيق بين هذه الأحزاب "انتباها سياسيا" في المغرب، نظرا إلى الاختلاف الإيديلوجي فيما بينها، فضلا عن محطات من التراشق وتبادل الاتهامات، في وقت سابق.
لكن هذا التنسيق يجري في ظل الأمين العام الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي تأسس سنة 2008 وقال إنه جاء لأجل محاربة مشروع ما يعرفُ بـ"الإسلام السياسي".
لكن الأمين العام الجديد للحزب، عبد اللطيف وهبي، عقد لقاءً مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، فيما كان كلٌ من الحزبين ينظر إلى الآخر بمثابة "خط أحمر"، خلال السنوات الأخيرة.
تنسيق محدود
ويرى الباحث السياسي، عبد الفتاح الفاتحي، أن الأحزاب الثلاثة المعارضة قدمت مذكرة مشتركة بشأن الانتخابات المرتقبة في البلاد، لكن هذه الخطوة لا تعني أنها تصطف بشكل مشترك ضد حزب العدالة والتنمية، تمهيدا للانتخابات التشريعية المرتقبة.
وأضاف الفاتحي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من السابق لأوانه أن يكون ثمة حديث عن تنسيق أوسع في الانتخابات المقبلة، لأن الندوة التي انعقدت للإعلان عن المذكرة كانت واضحة في الكشف عن مضامين المذكرة.
وأشار إلى أن الأحزاب التي قدمت هذه المذكرة، ليس بينها رابط على المستوى الإيديلوجي، لأنها تتوزع بين تصور محافظ وآخر حداثي.
وأورد الأكاديمي المغربي أن هذا "الثلاثي الحزبي" يعيدُ إلى الأذهان ما يعرف بالكتلة التاريخية؛ وهي ائتلاف ضم كلا من أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، أما اليوم فحزب الاتحاد الاشتراكي موجود داخل الحكومة.
تجاوز الماضي
يرى الفاتحي أن التقارب الذي جرى رصده، مؤخرا، بين حزب الأصالة والمعاصرة من جهة، وحزب العدالة والتنمية، من جهة أخرى، يظهر أن حزب "الجرار" يتبنى نهجا براغماتيا يعبد الطريق لإمكانية دخول الحكومة.
وأكد أن الحزبين يختلفان كثيرا، وسبق لهما أن أعربا عن رفض صريح لبعضهما البعض، خلال السنوات الماضية، لكن ثمة تحولات عدة طرأت على المستويين الإقليمي والداخلي.
وأشار إلى أن حزب العدالة والتنمية ترأس حكومتين اثنتين، وحزب الأصالة والمعاصرة يدرك أنه سيحتفظ بوزن سياسي في الانتخابات المقبلة.
وأورد الفاتحي أن حزب الأصالة والمعاصرة كان يرفض حزب العدالة والتنمية، لكن يريد أن يكون أكثر براغماتية عوض البقاء في صف المعارضة.
لكن الاختلاف الإيديلوجي بين الأحزاب المغربية لا يقف عائقا على الدوام أمام المشاركة في حكومة واحدة، إذ لا يقترب أي حزب من نيل أغلبية مقاعد مجلس النواب (395) المطلوبة لأجل تشكيل الحكومة، وهو ما يجعل البحث عن حلفاء خطوة لا محيد عنها.