كشفت مصادر مقربة من لجنة تحقيق برلمانية في موريتانيا، أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تسلم شيكا قيمته 10 ملايين دولار، خلال استقباله دبلوماسيا قطريا في الإقامة الرئاسية وخارج أوقات الدوام الرسمي، وتحقق اللجنة في علاقة هذا المبلغ بمنحه جزيرة لأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني.
وأثيرت القضية بعد شهادة أدلى بها شاهد موريتاني أمام "موثق قضائي" معتمد لدى البرلمان والمحاكم، عن لقاء سري جمع الرئيس الموريتاني السابق مع سفير قطر السابق في موريتانيا والحالي في السنغال، محمد كردي المري، لتسليمه هدية نقدية من سلطة قطر.
وكان البرلمان الموريتاني قد فتح ملف منح محمد ولد عبد العزيز، إحدى الجزر الموريتانية كهدية إلى حمد بن خليفة آل ثاني، واستدعت الرئيس السابق لأخذ أقواله بشأن "وقائع وأفعال يحتمل أن تشكل مساسا خطيرا بالدستور والقوانين" حصلت خلال فترة حكمه (2008-2019).
وبحوزة لجنة التحقيق البرلمانية وثيقة سرية، تتضمن رسالة وجهها المري عام 2012، إلى وزارة الخارجية القطرية، تفيد بأن الرئيس الموريتاني في ذلك الوقت، قرر منح إحدى الجزر الواقعة في محاذاة شاطئ المحيط الأطلسي قرب حوض آرغين السياحي.
وبحسب وثيقة أخرى مسربة من مراسلات بين السفير القطري بنواكشوط والديوان الأميري القطري، فإن ولد داداه عقد اجتماعا مع السفير القطري في يوليو عام 2012.
وتشير الرسالة إلى أن ولد داداه أبلغ السفير بأن ولد عبد العزيز أعطى تعليمات بـ"إنهاء موضوع الجزيرة الهدية".
ويأتي قرار ولد عبد العزيز منح إحدى الجزر الموريتانية لأمير قطر، بعد ما قيل آنذاك إنه "نهاية غير ودية" للزيارة المذكورة، إذ أكدت عدة مصادر أن ولد عبد العزيز لم يودع أمير قطر السابق في ختام الزيارة.
وتحدثت المصادر عن خلاف بين ولد عبد العزيز وحمد بن خليفة، سببه تدخل الأخير في الشأن الداخلي الموريتاني، من خلال الطلب من ولد عبد العزيز إجراء تغييرات سياسية واقتصادية معينة.
وأوضح الصحفي الموريتاني الشيخ ولد محمد حرمة، أن البرلمان بدأ منذ الثلاثاء، في توسيع دائرة اختصاص لجنة التحقيق البرلمانية، لتشمل "نقطتين أساسيتين"، هما "تهمة التخلي عن جزء من الحوزة الترابية للجمهورية الإسلامية الموريتانية من خلال تقديم الجزيرة، وشبهة خرق قانون الفساد من طرف بعض المسؤولين والرئيس السابق، في تلقيه هدية متمثلة بـ10 ملايين دولار من قطر".
وأشار حرمة في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الزيارة التي تمت عام 2012 لأمير قطر السابق، بدأت باحتفالات وانتهت "بطريقة غريبة بسبب خلاف بين الرئيسين".
وأضاف: "قالت تقارير إعلامية آنذاك أن الخلاف نشب لأن أمير قطر نصح الرئيس بتقريب الإسلاميين والانفتاح عليهم سياسيا، محذرا إياه من أنه إن لم يفعل ذلك فإنه سيواجه خطر الثورات، وذلك في فترة ما عرف بالربيع العربي".
وأوضح الصحفي الموريتاني أن الوثيقة المسربة، وهي رسالة المري للخارجية القطرية، تكشف بوضوح أن الجزيرة الموريتانية ستكون "للاستخدام الشخصي للأمير".
وفيما يتعلق بالإجراءات التي سيتم اتباعها بعد صدور تقرير لجنة التحقيق، قال حرمة: "من المتوقع حسب معلومات من داخل اللجنة، أن توصي البرلمان بأن هناك فعلا خروقات يمكن أن تقود إلى توجيه تهمة الخيانة العظمى للرئيس السابق وغيره من المتورطين بالقضايا محل التحقيق".
وأشار إلى أن البرلمان "سيجتمع بعدها ويقرر ما إذا كان سيوجه التهمة للرئيس السابق، ثم تُشكل محكمة العدل السامية ويتم استكمال إجراءات المحاكمة".