أضاف الاتحاد العام للشغل في تونس نقابة جديدة إلى نقاباته، معززا بذلك القوة الكبيرة التي يتمتع بها، مما يجعله لاعبا سياسيا له ثقل لا يمكن تجاهله.
وأعلن الاتحاد العام الشغل، أكبر نقابة عمالية في تونس، أخيرا، تشكيل نقابة جديدة في البلاد للإعلام، تضم عاملين في القطاعين العام والخاص.
ومن المتوقع أن تضطلع هذه النقابة الجديدة بالدفاع عن عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين في قطاع الصحافة، بما في ذلك الدفع نحو تشريعات وقوانين تنظم القطاع.
وجاء الإعلان عن النقابة الجديدة خلال مؤتمر نظمه الاتحاد العام للشغل في العاصمة تونس، تم فيه انتخاب المكتب التنفيذي لنقابة الإعلام، وذّكر المشاركون في المؤتمر بأولويات الاتحاد في "الدفاع عن حقوق العاملين وتجنيبهم التجاذبات السياسية".
وتضم النقابة الجديدة المشتغلين بالإعلام، الذين سيضيفون قوة جديدة إلى النقابة الأكبر في تونس، التي يقدر عدد المنتسبين إليها بـ700 ألف شخص.
وتزامن المؤتمر مع تجدد التراشق الإعلامي بين الاتحاد العام والحكومة، إذ حذرت قيادات الاتحاد من المس بأجور العمال ومعاشات المتقاعدين، في إشارة صريحة لسياسات حكومة إلياس الفخفاخ التقشفية خلال أزمة وباء كورونا، وتبعاتها الاقتصادية القاسية على البلاد.
"مرحلة الغليان"
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر نقابة الإعلام، إن الشعب التونسي وصل "مرحلة غليان".
وأضاف أن "تواصل الاحتقان الاجتماعي جراء سياسات الدولة الاقتصادية، قد يؤدي إلى الانفجار الاجتماعي، وسط انشغال الأحزاب بالصراعات السياسية".
ويبدو أن الاتحاد، الذي يحسب له الساسة ألف حساب، نظرا لقدرته على شل الحركة بالبلاد عبر الإضرابات، قد دق ناقوس الخطر في وجه الحكومة، رافضا المساس بمكتسبات المنضوين تحته.
ويعتبر الطبوبي أن الاتحاد هو "صمام الأمان و عنصر التوزان" وسط الساحة السياسية الحالية في تونس.
من جانب آخر، يرى منتقدو الاتحاد العام الشغل، أنه "منظمة منحرفة عن دورها، أصبحت شبيهة بالأحزاب السياسية في السنوات الأخيرة".
وما يراه خصوم الاتحاد تغولا يعتبره أبناؤه "قوة تنظيم وبناء ديمقراطي محكم من الداخل"، رغم الاختلافات التي لم ينفي الطبوبي وجودها، موضحا أنها تحل بالرجوع آاليات الديمقراطية.
وفي مقابل هذه الاتهامات، ينكر الطبوبي أن وجود أدور أو مطامح سياسية للاتحاد، ويقول إن "لا هدف لهم داخل اتحاد الشغل غير خدمة الإنسان والعامل، وتحسين وضعه"، لافتا إلى أن "القيادات في الاتحاد يعملون بشكل تطوعي بحت، و لا يحصلون سوى على مكافآت رمزية".
من جانبه، اعتبر الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "قوة التأطير والتنظيم داخل الاتحاد تعد أبرز ضمانات قوة قراره ووحدة صفوفه"، معتبرا أن هيكلته تسمح له بالوجود في المؤسسات بصور متعددة.
وسمح هذا الانتشار، وفق الطاهري، بتأطير كلي للعمال، حيث أن التنظيم الهرمي يبدأ من القاعدة، وهي النقابة الأساسية في مواقع العمل، ثم النقابة العامة، وصولا لكل هياكل الاتحاد. ويضمن هذا التدرج "انسجام الموقف ووحدة القرار داخل اتحاد الشغل".
وعن انشغال اتحاد الشغل بالشؤون السياسية، يضيف الطاهري أنهم لا يعتبرون العمل السياسي "تهمة"، قائلا إن الاتحاد منذ تأسيسه عام 1946 يجمع بين العمل الاجتماعي والسياسي، وإن "مناضليه دافعوا عن بناء الوطن وقيم الديمقراطية".
وتابع: "لا شيء يعمل اليوم بمعزل عن السياسة".
وفي رد على سؤال بشأن خصومهم السياسيين من الأحزاب، يوضح الطاهري أنه "لا عداوات دائمة و لا صداقات دائمة لمنظمة العمال داخل الساحة السياسية"، معتبرا أنها "خصومات على برامج نراها في غير مصلحة تونس وشعبها".
أدوار متعددة
وخاض الاتحاد أدوارا في السياسة، مثل المواجهات مع السلطات وآخرها مع حكومة الفخفاخ، اعتراضا على "المس بحقوق العمال".
وقبلها، بذل جهودا نحو تقريب وجهات النظر بين الأحزاب في مشاورات تشكيل الحكومة التي تعثرت قبل أشهر. كما أنه يحرك الآلاف من منخرطيه باتجاه الشارع، كل ما رأى ضروة لذلك.
من جانبها، تدعوه السلطات في تونس حينا لتنقية المناخ الاجتماعي وتقديم التصورات، وتحمله حين آخر مسؤولية المبالغة في المطلبية الاجتماعية.
ويعترف أيضا الشارع التونسي، بدوره كسلطة خامسة تؤثر في القرار السياسي، و يرفع منتسبوه في تجمعاتهم شعار الاتحاد أكبر قوة في البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض هده الأدوار أهلت اتحاد الشغل للحصول على جائزة نوبل للسلام إلى جانب منظمات تونسية أخرى عام 2013، اعترافا بدوره في حلحلة الأزمة السياسية حينها، وإرساء التوافق و إنجاح الحوار الوطني.