أصبح رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، تحت وطأة ضغوط كبيرة تمارسها عليه حركة النهضة الإخوانية، التي تريد إخضاعه لإرادتها السياسية، في الوقت الذي يحاول فيه الحفاظ على قدر من الاستقلالية.
شهدت تونس تصاعدا للأزمة السياسية، التي نشبت منذ تشكيل حكومة إلياس الفخفاخ في فبراير الماضي، إذ يتعرض إلى ضغوط مزدوجة، سواء في ما يتعلق بشبهة تضارب المصالح المتعلق به، أو من بعض الأطراف الحزبية مثل حركة النهضة.
ويقول الباحث السياسي التونسي، بسام حمدي، إن هناك ضغط على الفخفاخ بملف شبهة تضارب المصالح وتوسيع الائتلاف الحكومي، لأن النهضة تبحث عن تحالفات مع أحزاب هشة قابلة للانفجار والتطويع.
وبعد أن شهدت البلاد فترة صعبة من التجاذبات البرلمانية الحادة حول الموقف من التدخل الخارجي في ليبيا، وصلت تأثيراتها إلى الائتلاف الحكومي، يتواصل مسار الأزمة في التصاعد بين فريق يبحث عن تحويرات حكومية لحساباته الخاصة، وفريق آخر يتشبث بالتشكيلة الحالية للحكومة.
ويرى الباحث علية العلاني، أن هذه الحسابات السياسية "تناقض الرأي العام والطبقة السياسية، مما سيزيد من تشكيك المواطنين في وعود الأحزاب السياسية".
ويرى مراقبون أن النهضة لن تذهب كثيرا في مسألة الضغوط على الفخفاخ، حتى لا ينفرط عقد حكومته، مشيرين إلى أنها تنتهج في هذا السياق "سياسة حافة الهاوية"، التي تقترب من الاصطدام القوي لكنها لا تصله.
وذهبت الحركة الإخوانية إلى هذا الخيار بعدما سمحت بعض القوى المشكلة للائتلاف، بمناقشة عريضة رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، الخاصة باعتبار الإخوان منظمة إرهابية.
وكان الفخفاخ قد تولى رئاسة الحكومة في تونس في فبراير الماضي، عبر ائتلاف سياسي واسع، يضم قوى مثل التيار الديمقراطي وحركة الشعب، ورفعت هذه القوى شعار محاربة الفساد.
وأعربت حركة النهضة في الآونة الأخيرة عن نيتها سحب الدعم البرلماني الذي تقدمه للفخفاخ، بعد حديث عن شبهات "تضارب مصالح" تمس رئيس الحكومة التونسية.
لكن الأمر المستغرب هو دعوة الحركة الإخوانية إلى توسيع الائتلاف الحكومي بما يشمل حزب "قلب تونس"، المتهم بالفساد من قبل قوى سياسية مشاركة في الحكومة.
ويقول الباحث والكاتب السياسي، باسل الترجمان، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن حركة النهضة "غير راضية على أداء رئيس الحكومة لأنها تريده خاضعا لها، بينما يتمسك رئيس الحكومة بنوع من الاستقلالية في إدارة الشأن العام".
وأضاف أن هذا الوضع لا يرضي النهضة، لذا قررت دون مقدمات، فإما أن توسع الائلاف الحكومي، أو أن تنقلب عليه.
واعتبر الترجمان أن إدخال "قلب تونس" يصطدم برفض ثلاثة أطراف، مثل رئيس الحكومة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب، الذين يجمعون على محاربة الفساد، مشيرا إلى أن هذه الخطوة إن حصلت، قد تدفع الأطراف الثلاثة إلى مغادرة الحكومة.
من جانبه، يقول الكاتب التونسي، بحري العرفاوي، إن حركة النهضة "تعتبر نفسها الحزب الأول في تونس وتضغط على الفخفاخ، في محاولة اجتذابه إلى مسافة أقرب من رئاسة البرلمان".
وأضاف العرفاوي أن النهضة "غير مطمئنة" لموقف رئيس تونس قيس سعيد، لذا تحاول إخضاع الفخفاخ عبر الائتلاف الحكومي، بإدخال قلب تونس، الذي تطمئن له أكثر من حركة الشعب والتيار الديمقراطي، اللذين لم يكونا منجسمين معها، من وجهة نظرها، خاصة بعد مسألة عبير موسي.
وكان الحزب الدستوري الحر قد نظم، السبت، وقفة احتجاجية تحت شعار "نبذ العنف السياسي والدفاع عن مدنية الدولة"، غداة رفض البرلمان التصويت على مقترح بتصنيف "الإخوان" تنظيما إرهابيا.
وشددت موسي خلال الوقفة الاحتجاجية، على أن "تونس في خطر.. والأمن القومي التونسي في خطر".
واعتبر العرفاي أن النهضة تمارس "سياسة حافية الهاوية" التي تضغط على الآخر حتى تجبر الفخفاخ على الخضوع لسطوتها، معتبرا في الوقت نفسه، أنها لن تريد الذهاب إلى حد إسقاطه، لأنه ليس في مصلحتها".