وصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الخميس، إلى قطر، في مسعى إلى زيادة نفوذ أنقرة بالبلد الخليجي الصغير الذي يعاني عزلة في محيطه الخليجي والعربي منذ ثلاثة أعوام.
وعقد أردوغان وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، 26 لقاء في غضون خمس سنوات، بينما تحوم الشكوك حول "تعاون" يوصف بغير المتكافئ بين البلدين، نظرا إلى حرص تركيا على اتخاذ قطر بمثابة وسيلة لتحقيق الأطماع وتنفيذ الأجندات ضد دول عربية.
وعقد أردوغان لقاءً مع أمير قطر، وأوردت وسائل إعلام تركية أنهما سيبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلا عن تبادل وجهات النظر بشأن قضايا إقليمية ودولية.
وهذه الزيارة لأردوغان إلى الدوحة هي الأولى له خارج تركيا، منذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، إذ كانت آخر زيارة خارجية إلى بلجيكا في مارس الماضي.
وحل أردوغان في قطر مصحوبا بعدد من المسؤولين الأتراك؛ من بينهم وزير المالية، بيرات البيرق، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ومدير اتصالات الرئيس التركي، فهرتيني ألتون، والمتحدث باسم الرئيس إبراهيم كالين، ومدير الاستخبارات التركية هاكان فيدان.
وتأتي زيارة الرئيس التركي، وسط تطورات متسارعة في عدد من الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، حيث تقف الدوحة وأنقرة خلف الميليشيات التي تقاتل ضد الجيش الوطني الليبي.
وتتولى تركيا تزويد حكومة طرابلس بالأسلحة والمرتزقة السوريين، في محاولة لترجيح كفة المتشددين، بينما تقدم قطر دعمها، في الخفاء، فضلا عن تسخير أذرعها الإعلامية لإضفاء الشرعية على التدخل العسكري التركي في ليبيا.
وتواجه تركيا ضغوطا وانتقادات متزايدة، بسبب تدخلها في الأزمة الليبية، رغم وجود قرارات دولية تحظر نقل الأسلحة إلى ليبيا.
في غضون ذلك، تراهن قطر على "حماية أردوغان"، وسمحت له بإنشاء قاعدة عسكرية في قلب البلاد، رغم أنها تشدقت بالسيادة حين طولبت من دول الجوار بالكف عن دعم الإرهاب وتقويض الأمن العربي.
لكن "الحماية التركية" لقطر ليست هدية مجانية، لأن أردوغان يهرع في كل مرة إلى الدوحة وأميرها تميم، حين تدهور الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة.
وفي أزمة الليرة التركية، مثلا، استعانت تركيا بمليارات الدولارات القطرية، بعد أن هبطت العملة إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار الأميركي، بسبب عوامل متضافرة أبرزها التوتر بين أنقرة وواشنطن على خلفية اعتقال القس الأميركي، أندرو برونسون في تركيا.
وفي مايو الماضي، أعلن البنك المركزي في تركيا عن تلقي عشرة مليارات دولار من قطر، في إطار اتفاق يقضي برفع مبادلات العملة إلى 15 مليار دولار.
ولجأت تركيا إلى قطر بعدما قوبلت بالرفض حينما طلبت من دول أخرى، "مقايضة العملات"، من جراء الشكوك في استقلالية البنك المركزي التركي.
أما على المستوى السياسي، فتتوافق أنقرة والدوحة بشكل متطابق حول دعم تنظيمات الإخوان المتطرفة، في مختلف الدول العربية، تحت ذريعة "الديمقراطية" ودعم المعارضات.
وإذا كان الدعم المالي القطري قد أدى دورا وُصف بالمحدود في إنعاش الاقتصاد التركي، فإن أنقرة تواصلُ تسخير الأداة القطرية وضمان موطئ قدم في الدول العربية وشق صفوفها الداخلية، بينما تجد قطر نفسها مطالبة بالدفع، في خضم حديثها الدائم عن السيادة.