شهدت الساعات الأولى من صباح الأحد، انتشارا أمنيا كثيفا في الجسور التي تربط مدن العاصمة السودانية الخرطوم الثلاث، مما أثار الكثير من التساؤلات والتكهنات.
وامتد الانتشار إلى الشوارع المؤدية إلى القيادة العامة للجيش والمقار الحيوية كالقصر الجمهوري ورئاسة مجلس الوزراء.
وجاءت هذه الخطوة قبل يوم كامل من الموعد المقرر لإغلاق الجسور المعلن رسميا من قبل اللجنة الأمنية لولاية الخرطوم يومي الاثنين والثلاثاء، مما أثار موجة من التفسيرات المصحوبة بجائحة إشاعات غير مسبوقة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي.
مشهد ضبابي
ووصف الخبير الأمني الاستراتيجي أمين اسماعيل المشهد خلال الساعات الماضية بالـ"ضبابي"، وقال في تصريح إلى"سكاي نيوز عربية" إن هذه الضبابية تفسر الوجود الأمني الكثيف والانتشار المتسارع للشائعات قبل 48 ساعة من مسيرات 30 يونيو التي تنوي قوى الثورة تسييرها دعما للحكومة الانتقالية وما تقول إنه "تصحيح للمسار الثوري".
ويضيف اسماعيل أن ما يربك المشهد السياسي والأمني هو وجود تحركات من عناصر النظام السابق لتسيير مواكب في نفس اليوم تزامنا مع مواكب القوى الثورية.
ويوضح أن زيادة الشائعات تعني ان هنالك محاولة لتحويل نظر الأجهزة النظامية وقوى الثورة عما يجري التخطيط له حقيقة.
وفي ظل المخاوف المتعلقة بما يمكن أن تتجه إليه الأحداث في 30 يونيو، يقول إسماعيل إن هنالك ثلاث سيناريوهات استبقتها القوات النظامية بتنفيذ خطة أمنية مشددة لحماية المناطق الحيوية وحماية المواكب عند خروجها.
ووفقا له، فإن السيناريو الأول يتمثل في رسم نطاقات جغرافية محددة تنتهي المسيرات في حدودها بسلام، ويمكن أن يتمثل السيناريو الثاني في محاولة تجمع المواكب وعبور الجسور والتجمع امام موقع حكومي مؤثر، وهو ما قد يؤدي لصدامات محدودة.
أما الثالث، فهو الأخطر ويتمثل في دخول عناصر من النظام السابق تحاول إثارة الفوضى والتعرض للقوات النظامية للوقيعة بينها وقوى الثورة.
قطع الطريق
ووفقا لعادل خلف الله القيادي في قوى الحرية والتغيير، فإن الوجود الأمني الكثيف في العاصمة الخرطوم يهدف لقطع الطريق أمام المحاولات اليائسة التي يقوم بها عناصر النظام السابق والهادفة لخلق الفوضى.
ويربط خلف بين المشهد الحالي ومشهد ليلة الثلاثين من يونيو 1989 حينما مهد الإخوان لإنقلاب البشير بحملة تحريض ضخمة على الحكومة المنتخبة والسخرية من قياداتها مستفيدين من سيطرتهم الواسعة على وسائل الإعلام.
رسالة واضحة
ويرى وليد الريح عضو تجمع المهنيين السودانيين أن الانتشار العسكري الكثيف هو رسالة واضحة لكل من لديه مصلحة في فض الشراكة بين المكون العسكري و المدني.
ويشير الريح إلى أن الهدف النهائي للمجموعة التي تحاول اختراق المسيرة هو خلق فوضى تؤدي إلى أعادة البلاد للمعادلة الصفرية التي خرجت منها بالاتفاق الذي توج بالوثيقة الدستورية وقبلها بالاتفاق السياسي، وبالتالي خلط الأوراق من جديد وإجهاض التحول المنشود.
الثورة المضادة
ولا يستبعد محمد صادق رئيس اللجنة السياسية للحزب الإتحادي الموحد أن تكون الثورة المضادة هي من تقف وراء الشائعات الكثيفة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية.
ويشير صادق إلى أن التأثير السلبي لتلك الشائعات لن يكون كبيرا، نظرا لمستوى الوعي السياسي العالي في الشارع السوداني وإدراك الكثيرين بحقيقة أن الهدف من الشائعات هو خلخلة الوضع الأمني وخلق بيئة مواتية لإجهاض الثورة.