وضعت مصر خيار اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي على الطاولة، في مسألة مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، مع استمرار الخلافات بين الجانبين بشأن القضايا العالقة في المفاوضات.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري يوم الاثنين إن القاهرة قد تلجأ إلى مجلس الأمن التابع للأمم متحدة للحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادي يؤثر سلبا على حقوق مصر المائية.
وحذر من أن بلاده "ستضطر إلى بحث خيارات سياسية أخرى، في حال تعنت إثيوبيا في أزمة سد النهضة".
فماذا يعني لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي؟
يقول أستاذ القانون الدولي، أيمن سلامة، في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إن خطوة اللجوء إلى مجلس الأمن بلغة ميثاق الأمم المتحدة تندرج تحت الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية حول "حل النزاعات سلميا"، مما يعني أن اختصاصات مجلس في النزاعات التي تعرض عليه بمقتضى هذا الفصل تشمل تقديم"توصية".
وأوضح سلامة أن القرارات الصادر عن المجلس تحت الفصل السادس تتمتع بـ"إلزامية أدبية"، مقارنة بتلك التي تصدر عن المجلس بناءً على الفصل السابع، ذات الطبيعة الإلزامية بما ذلك استخدام القوة.
ويمكن لمجلس الأمن أن يدعو أطراف النزاع إلى تسوية النزاع فيما بينهم بالطرق الدبلوماسية، إذا رأى ضرورة لذلك، حتى لو لم يتفق الأطراف على عرض الاتفاق على مجلس الأمن، بحسب سلامة.
وقال إنه على الرغم من الطبيعية القانونية التي تكتسي النزاع بين مصر والسودان وإثيوبيا، فليس هناك ما يمنع من طرق أبواب مجلس الأمن.
وأشار سلامة إلى أن مجلس الأمن يستطيع أن يباشر صلاحيته في توصية أطراف النزاع باتاع وسائل معينة لتسوية النزاع، وله أيضا أن يمتنع عن ذلك
ويحوز المجلس سلطة عامة في إجراء التحقيق من تلقاء نفسه أو بتشكيل لجنة تخضع لتوجيهاته في أي نزاع أو موقف يرى المجلس أنه بحاجة إلي ذلك، طبقا للخبير في القانون الدولي.
الدور الأهم
لكن الدور الأهم الذي يضطلع به المجلس، بحسب سلامة، هو التأكد من ما إذا كان النزاع قد تحول فعلا إلى تهديد حقيقي للسلم أو في طريق إلى إشعال أعمال العدوان.
وهذا يعني، وفقا لسلامة، أن يتخذ المجلس الإجراءات الرادعة تطبيقا للفصل السابع من الميثاق، فيستطيع المجلس أن يأمر أثيوبيا مثلا بوقف ملء السد لحين الأتفاق النهائي مع مصر والسودان على القواعد الفنية بملء و تشغيل سد النهضة.
ولفت إلى أن المادة 36 من ميثاق مجلس الأمن الدولي تخوله في أي مرحلة من مراحل النزاع أن يتدخل ويوصي بما يراه مناسبا من الإجراءات وطرق التسوية، وهو ليس ملزما بالانتظار لفشل الأطراف في اتوصل لحل النزاع حتى يشرع في عمله.
وبحسب المادة 38 من ميثاق المجلس، فإنه يستطيع أن يؤدي دورا توفيقا وشبه تحكيمي، في حال طلب جميع المتنازعين بأن يقدم توصيات بقصد حل النزاع حل سلميا.
الرفض الإثيوبي
وتأتي تصريحات سامح شكري بعد إعلان وزارة الري الإثيوبية، رفضها "الرضوخ للضغط عليها عبر معاهدات قديمة تعود لحقبة الاستعمار لم تكن طرفا فيها"، معتبرة أن مصر تتمسك باتفاقية وصفتها بأنها "غير عادلة في توزيع المياه".
وكان من المفترض أن يستأنف وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، الاثنين، مفاوضاتهم بشأن قواعد ملء سد النهضة، بعد تعثر متكرر.
ويتركز الخلاف بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل السد الذي يتكلف أربعة مليارات دولار ويجري تشييده قرب حدود إثيوبيا مع السودان على النيل الأزرق الذي يصب في نهر النيل.
مخاوف مصر والسودان
والسد محور محاولة إثيوبيا أن تصبح دولة كبرى مصدرة للطاقة الكهربائية، لكنه أثار مخاوف في مصر من أن يخفض حصتها من مياه النيل التي تكفي بالكاد سكانها الذين يزيد عددهم على مئة مليون نسمة.
وتخشى الخرطوم من مدى قوة السد وأمانه وتأثيراته على قدرات التخزين المائية السودانية، وهي بنود لابد من التوقيع عليها في اتفاق لم يتم على الرغم من مرور 9 أعوام على المفاوضات.
وبدأت إثيوبيا بتشييد سد النهضة في عام 2011، بكلفة وصلت إلى 4 مليارات دولار، وقالت إديس بابا إنها تدرس البدء في ملء السد هذا الصيف، على الرغم من أن أعمال التشييد لم تكتمل بعد، إذ يتوقع أن تنتهي في 2022.
وكان من المتوقع أن تبرم البلدان الثلاثة اتفاقا في واشنطن في فبراير الماضي، بخصوص ملء وتشغيل السد لكن إثيوبيا تخلفت عن الاجتماع.