كثفت أنقرة من خططها لتغيير هوية الشمال السوري، سواء بالقوة العسكرية أو عبر التتريك، وكانت أحدث تلك المحاولات إصدار قرار في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، بتداول العملة التركية في المعاملات التجارية، بدلا من الليرة السورية.
وفي ظل أزمة تتعرض لها الليرة السورية مع قرب تطبيق قانون "قيصر" الأميركي لفرض عقوبات على الحكومة السورية وحلفائها، تستغل أنقرة هذه الظروف لتمرر جزءا من مخططها بالتمدد عبر أراضي الشمال السوري وتغيير وجه المنطقة، لتدفع بعملتها لتحل محل العملة السورية في مارع، ثم تتدفق تدريجيا إلى غيرها من المناطق.
فمنذ نحو شهرين، تتدهور العملة السورية، مما أدى إلى إصدار المجلس المحلي بيانا إلى الأهالي في مدينة مارع، من أجل التعامل بالليرة التركية، بحجة أنها "الأكثر تداولا في المنطقة المحررة".
وبرر المجلس المحلي لمدينة مارع قراره بتحويل المعاملات النقدية داخل المدينة من الليرة السورية إلى التركية، بأن الأخيرة "أصبحت أكثر ثباتا".
وقال نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة مارع، عمر كور: "العملة السورية تتدهور منذ نحو شهرين وتتغير بشكل يومي، انخفاض مع ارتفاع، مما دفع المجلس المحلي إلى إصدار لبيان موجه لأهالي المدينة للتعامل بالليرة التركية، كونها العملة الأكثر تداولا بالمنطقة المحررة".
كما رفعت محطات وقود في المدينة لافتات تقول إن التعامل أصبح بـالليرة التركية فقط. وقال مواطن أثناء التزود بالوقود: "المعاملة بالليرة التركية بالنسبة لي أفضل، لأنها تبقى ثابتة، في مقابل الليرة السورية التي تستمر بالارتفاع والانخفاض".
لكن تلك الإجراءات المثيرة للجدل، ما هي إلا إشارات لاحتلال تركي في الشمالي السوري، فلم يقتصر الأمر فقط على التعامل بالعملة التركية على الأراضي السورية، وإنما امتد ليصل إلى "العلم التركي".
ويتصدر علم تركيا الواجهة في مكتب بريد تركي أنشئ على الأراضي السورية، وهو رمز للسيادة، حتى وإن فُصلت الأسباب.
ورسميا، حددت شركة "وتد" المستوردة للمحروقات في مناطق نفوذ تنظيم ما يعرف بـ"هيئة تحرير الشام"، أسعار بيعها بالليرة التركية، حيث بلغ سعر ليتر البنزين والمازوت المستوردين 3.7 ليرة تركية.
وبحسب "وتد"، فإن المحروقات ستباع بالليرة التركية أو ما يعادلها بالليرة السورية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأوضح المرصد أن السلطات المحلية حددت أيضا سعر الخبز بأصنافه الثلاث بالليرة التركية أيضا، وأعلنت صرف رواتب الموظفين لديها بالليرة التركية.
وأشار إلى أن كميات كبيرة من الفئات الصغيرة لليرة التركية، وصلت إلى أسواق مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب، ومناطق نفوذ الفصائل و"تحرير الشام" في إدلب، لافتا إلى أنه "سيتم تغيير العملة بشكل تدريجي".
ويرى مراقبون أن تلك الإجراءات، تأتي في إطار ترتيبات تنتهجها أنقرة "لطمس هوية الشمال السوري".