حاولت أنقرة، مؤخرا، أن تدق أبواب حلف شمالي الأطلسي، في ظل التصعيد العسكري بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، لكن خبراء عسكريين يستبعدون أن يذهب "الناتو" بعيدا في دعم تركيا، في نزاعها مع الجيش السوري، نظرا لعدة أسباب.
ويوم الخميس الماضي، توصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتن، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب، لكن الوضع ما يزال هشا، بحسب خبراء.
وتأجج الوضع العسكري في المحافظة، أواخر فبراير الماضي، بعدما لقي 34 جنديا تركيا، مصرعهم في ضربات للجيش السوري المدعوم من روسيا، الأمر الذي جعل أنقرة تسعى للحصول على دعم من "الناتو".
ورغم تضامن الناتو مع تركيا، ودعوته كلا من سوريا وروسيا إلى "احترام القانون الدولي"، يرى محللون أن الحلف العسكري لن يقوم بتفعيل المادة الخامسة ذات الأهمية الكبيرة.
وبموجب المادة الخامسة للناتو، فإن أي اعتداء عسكري على دولة عضو في الحلف العسكري، يعادل الاعتداء على كافة الدول الأعضاء الأخرى، وهذا الأمر يستوجب ردا عسكريا لدعم الدولة الحليفة.
ووافق "الناتو"، مؤخرا، على زيادة الدعم العسكري الجوي لتركيا، حتى تتمكن من حماية أراضيها، وخلال السنوات الأخيرة، تلقت أنقرة ما يقارب 5 مليارات دولار لأجل تعزيز منشآتها العسكرية.
وحين أطلقت تركيا عملية عسكرية سابقة، شمالي سوريا، في أكتوبر 2019، دعا كل من "الناتو" والاتحاد الأوروبي، تركيا إلى ضبط النفس وتجنب ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
عراقيل المادة الخامسة
ولم يجر تفعيل المادة الخامسة من قبل "الناتو"، إلا مرة واحدة فقط، طيلة 71 سنة من عمر الحلف، وتم اللجوء إليها عقب وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر في مدينة نيويورك الأميركية سنة 2001.
ويستوجب اللجوء إلى المادة الخامسة من حلف الناتو موافقة كافة الدول الأعضاء وعددها 29، وهذا الأمر يصعب تحققه في حالة تركيا التي ساءت علاقتها مع كثير من الدول الغربية التي تشغل عضوية الحلف.
كذلك فإن المادة السادسة للناتو التي تحدد النطاق الجغرافي لتفعيل المادة الخامسة، تشمل الأراضي التركية والقوات والمعدات العسكرية الموجودة في البحر المتوسط، وبالتالي فإنها لا تسري على القوات التركية الموجودة في شمالي سوريا.
كما أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تحدد شروط الدفاع عن النفس، وهي التعرض لعمل عسكري غير قانوني، وليس التعرض لعمل عسكري من قبل طرف خصم.
وتبعا لذلك، يرى الخبراء أنه من منظور الأمم المتحدة، لم يلق الجنود الأتراك مصرعهم بسبب عمل عسكري غير قانوني، بل من جراء تحرك الجيش السوري للدفاع عن النفس.
وتأتي هذه المتاعب التركية، في ظل ظروف صعبة يمر بها "الناتو"، حتى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نبّه في وقت سابق إلى ما وصفه بـ"الموت الدماغي" للحلف بسبب تصرفات تركيا الأحادية وانكفاء الولايات المتحدة على نفسها، في ظل سياسة "أميركا أولا" التي يدافع عنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.