أكد قائدا ميليشيات ليبيين، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تركيا ترسل مقاتلين سوريين، ينتمون إلى جماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة وداعش، إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق، وفق ما نقلت وكالة "أسوشيتد برس".
تركيا، التي دربت ومولت مقاتلي المعارضة في سوريا منذ فترة طويلة، وخففت القيود عند حدودها لتسهل انضمام المقاتلين الأجانب إلى داعش، نقلت في الأشهر الأخيرة المئات منهم إلى مسرح حرب جديد في ليبيا.
وقال قائدا ميليشيات ليبية في طرابلس لوكالة أسوشيتد برس إن تركيا جلبت أكثر من 4000 مقاتل أجنبي إلى طرابلس، وأن "العشرات" منهم ينتمون إلى جماعات متطرفة. وتحدث القائدان شريطة عدم الكشف عن هويتهما كونهما غير مخولين لمناقشة الأمر مع وسائل الإعلام.
كما سلط القائدان الضوء على الآراء المختلفة داخل ميليشيات طرابلس بشأن قبول المتطرفين السوريين في صفوفهم. وقال أحدهما إن خلفيات المقاتلين ليست مهمة، فيما قال الآخر ان بعض القادة يخشون أن "يشوه" المقاتلون السوريون صورة حكومة الوفاق.
ومن المعروف أن الميليشيات المدعومة من تركيا في شمال سوريا تضم مقاتلين سبق لهم أن قاتلوا في صفوف تنظيمي القاعدة وداعش وغيرها من الجماعات المسلحة، وارتكبوا فظائع ضد الجماعات الكردية والمدنيين السوريين، وفق "أسوشيتد برس".
ودانت الأمم المتحدة مرارا إرسال أسلحة ومقاتلين أجانب إلى ليبيا، لكنها لم ترد مباشرة على التقارير والاتهامات من جانب قوات الجيش الليبي بأن حكومة السراج وتركيا تستخدمان "متطرفين مرتبطين بتنظيمي داعش والقاعدة" بمثابة مرتزقة في ليبيا.
ولم تؤكد تركيا أو تنفي أنباء إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا لدعم السراج، ولم يرد قادة الجيش التركي على مكالمات أسوشيتد برس للتعليق.
ومع ذلك، وخلال مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "كقوة قتالية، سيكون لدينا فريق مختلف في ليبيا. لن يكونوا من جنودنا. هذه الفرق والقوات القتالية المختلفة ستعمل معا، لكن جنودنا رفيعي المستوى سيقومون بدور تنسيقي "، دون الخوض في تفاصيل.
وانتشرت تقارير بشأن إرسال مقاتلين سوريين تدعمهم تركيا إلى ليبيا منذ أسابيع، وأشار قادة ومعلقون أجانب إلى مقاطع فيديو - نُشرت على الإنترنت - يظهر فيها سوريون بطرابلس.
وفي أحد المقاطع، التقط رجل ذو لهجة سورية صورا لمهاجع يعيش فيها رفقة مقاتلين، قائلا "الحمد لله، وصلنا بسلام إلى ليبيا".
بينما يظهر مقطع آخر طائرة مكتظة بالمقاتلين، بعضهم كان يتحدث اللهجة السورية.
وصرح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، لأسوشيتد برس، أن شبكته توصلت إلى وجود ما لا يقل عن 130 من مقاتلي تنظيمي داعش والقاعدة من بين ما يقرب من 4700 مرتزق سوري تدعمهم تركيا، أرسلوا للقتال من أجل حكومة طرابلس.
وأضاف أن مسلحين بتنظيم داعش انضموا لما يسمى "الجيش الوطني السوري"، وهو تحالف مختلط شكلته تركيا من عدة فصائل قاتلت القوات الحكومية.
معظم هذه الفصائل موالية لأنقرة، وقد استُخدم الجيش الوطني السوري كـ "قوات مهاجمة" العام الماضي في هجوم تركيا على القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة في شمال سوريا.
ونظريا، يظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة روسيا وتركيا قائما بشأن طرابلس، لكن الأطراف المتحاربة في ليبيا تبادلت الاتهامات بخرق الاتفاق.
كما نقل المرصد عن مقاتل سوري، من محافظة إدلب تقدم بطلب للسفر إلى ليبيا، قوله إن الإغراءات المالية التي تقدمها تركيا كانت الدافع وراءه طلبه السفر إلى ليبيا.
وتشير إليزابيث تسوركوف، زميلة معهد أبحاث السياسة الخارجية في الولايات المتحدة والتي تتابع عن كثب الجماعات المسلحة السورية، إلى أن الوعود المادية أو الجنسية التركية أو تسهيل السفر إلى أوروبا تظل الدوافع الرئيسية للمقاتلين السوريين الذين تم إرسالهم إلى ليبيا.
وقالت "لا يشارك أي منهم في القتال في ليبيا بسبب قناعة شخصية أو أيديولوجية".
ونقلت "أسوشيتد برس" عمن وصفته بـ"مسؤول ليبي" في مكتب فايز السراج أن المقاتلين السوريين يتواجدون في ليبيا منذ أوائل أغسطس، لكنه أشار إلى أنهم تواجدوا في البداية لتسهيل عمل الخبراء العسكريين الأتراك. ولكن مع تصاعد القتال في منتصف ديسمبر زاد عدد المقاتلين السوريين في ليبيا.
وأوضح المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث مع الصحفيين حول هذه القضية، أن هؤلاء المقاتلين "ينتشرون الآن على الفور في الخطوط الأمامية".
وقال نيكولاس هيراس، الخبير السوري في معهد دراسات الحرب، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، إن تركيا تركز على ليبيا لتأسيس منطقة نفوذ في البحر المتوسط.
وأضاف "لكن رغبة الأتراك بعدم المجازفة بوقوع خسائر كبيرة في صفوف قواتهم، دفعت الجيش التركي لإنشاء قوة بالوكالة من المقاتلين السوريين يمكن أن تدعم "مقاتلي حكومة الوفاق".