أفنى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، نصف حياته العسكرية في هذا الفيلق، الذي يحمل اسم المدينة المقدسة المحتلة في فلسطين، لكنه قتل دون أن يقدم لها شيئا.
ويمكن تقسيم حياة سليماني العسكرية التي امتدت لنحو 40 عاما إلى قسمين: القسم الأولى يمتد بين عامي 1979 -1988، وكان العدو الذي يحاربه سليماني الجيش العراقي لا الإسرائيلي.
أما المرحلة الثانية من حياته فتمتد من 1998- 2019، وبدأت عندما تولى قيادة فيلق القدس، الذي يعتبر الذراع المسلح لنظام الملالي في الخارج.
وفي كل هذه الصراعات لم تكن فلسطين جزءا من عمل سليماني.
وتم تأسيس فيلق القدس كما تقول تقارير بين عامي 1990-1991 بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، ضمن استراتيجية "تصدير الثورة" التي تعثرت بسبب الحرب.
قصة الاسم الرسمي
وبحسب بيانات نظام الملالي الرسمية، فإن مهمة الفيلق هي الدفاع عن الدولة الإيرانية، وعرّفته الوكالة الرسمية بأنه "مجموعة أيديولوجية ترى تحرير فلسطين والقدس مهمة مذهبيه وانشأت من أجل إنجازها".
وكانت المرحلة الثانية من حياة سليماني هي الأهم، ويمكن أن تقسم أيضا إلى قسمين، الأول بعد عام 2003، الذي شهد الغزو الأميركي للعراق، والمرحلة الثانية مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.
بعيدا عن فلسطين
وفي ذروة الحرب الأهلية في العراق بين عامي 2006-2007، قال الجيش الأميركي إن سليماني كان يزود الميليشيات الطائفية بالأسلحة، التي تتهم بارتكاب جرائم مروعة ضد العراقيين والفلسطينيين المقيمين هناك، مما يظهر أن القدس ليسى سوى شعار زائف يحمله سليماني.
ويقول السفير الأميركي السابق لدى العراق بين عامي 2007-2009 رايان كروكر :"لقد كان هدف سليماني الاستراتيجي يتجلى في هزيمة العراق، وإذا لم يكن لذلك ممكن، فلا ضير في عراق ضعيف يمكن التأثير عليه "، بحسب ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأضاف الدبلوماسي الأميركي أن سليماني كان ميسترو الميليشيات في سوريا والعراق ولبنان.
وفي عام 2011، تورط فيلق القدس في مخطط اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير في حينه، لكن السلطات الأميركية أحبطت المخطط، مما يؤكد أن اسم الفيلق ليس سوى ستار لأهداف إيرانية "خبيثة".
مجرد كلام
وعندما استعرضت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" سيرة سليماني "القائد الذي لا يعرف الجلوس في المكتب"، قالت إنه قاتل في سوريا والعراق.
ولكن عندما جاء الدور على فلسطين، اكتفت بالقول: "أكد دائما أن دعم القضية الفلسطينية وفلسطين مستمر، لأن هذا موقف مبدئي، أصولي وعقائدي يؤمن به"، دون أن تشير ولو إلى عمل واحد من أجل القدس وفلسطين.
ولم يؤد تدخل إيران في الساحة الفلسطينية إلا إلى مزيد من الانقسام والتمزق، إذ قدمت دعما لفصائل مسلحة معارضة للسلطة الشرعية الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية.
حيلة النظام الإيراني
لكن حتى قبل تأسيس فليق القدس، شارك سليماني في عمليات إبان الحرب العراقية الإيرانية سميت باسم "طريق القدس" في نوفمبر عام 1982، رغم أن الحرب كانت ضد عرب ويدينون بنفس الدين الذي يؤمن به سليماني.
ويمكن فهم استغلال إيران لقضية فلسطين والقدس بالعودة إلى بداية ثورة الخميني عام 1979، التي رفعت شعارات براقة تتحدث عن أهمية نصرة فلسطين التي تهم كل عربي ومسلم.
لكنها لم تكن سوى حيلة من أجل تمرير مخططات النظام التوسعية، فأطلق مرة شعار "طريق القدس يمر عبر كربلاء"، إبان الحرب مع العراق، الجار العربي والمسلم لإيران.