أعادت مذكرتا التفاهم، اللتان وقعتهما قبل أيام الحكومة التركية مع حكومة طرابلس، الحديث عن طبيعة مطامع أنقرة في ليبيا، وهي مطامع ظهرت ملامحها قبل عشرات السنوات.
فعلى الأراضي الليبية بدأت الخيوط تزداد تعقيدا، والأزمة التي كانت "ليبية - ليبية" تتفاقم.
قرر رئيس حكومة طرابلس فايز السراج أن يتحالف بشكل علني مع طرف خارجي، من خلال المذكرتين اللتين تمنحان موطئ قدم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقواته على الأراضي الليبية.
خطوة جاءت بعد أشهر بات جليا خلالها طبيعة الدور الذي تمارسه تركيا في ليبيا، إذ تكشّف شيئا فشيئا أمام أعين الليبيين والمجتمع الدولي، التدخل التركي المتمثل في إرسال أسلحة وخبراء عسكريين، لدعم ميليشيات طرابلس، التي تضم الكثير من العناصر الإرهابية المطلوبة دوليا.
وبمجرد الحديث عن تدخلات تركيا "غير الشرعية" في ليبيا ونواياها الاستعمارية، تتبادر إلى الذهن ذكريات التاريخ، ويستعيد البعض ذكرى "مذبحة الجوازي"، التي وقعت عام 1817، ولا تزال عالقة في ذاكرة الليبيين.
وحسب ما ذكرت قناة ليبية، فإنه في سبتمبر 1817، أي قبل نحو 200 عام، نفذ "المستعمر التركي" واحدة من أبشع المجازر في التاريخ ضد قبيلة الجوازي، التي كانت تسكن مدينة بنغازي، مما خلف الآلاف من القتلى والضحايا.
وتعود فصول "المذبحة" حين دعا الحاكم العسكري التركي القرمانلي شيوخ الجوازي للحضور إلى القلعة التركية "بغرض إكرامهم وطلب الهدنة"، على اعتبار أن سكان القبيلة كانوا يقولون "لا" في وجه الاستبداد التركي.
لبى شيوخ وأعوان الجوازي النداء، وبمجرد جلوسهم داخل القلعة، أعطى القرمانلي إشارته للحرس الخاص لتنفيذ الهجوم عليهم، إذ تم ذبحهم جميعا.
وبعد "تصفية" الشيوخ، الذين كان يناهز عددهم الـ45، طالت "المذبحة" كافة أنحاء القبيلة، ليبلغ عدد القتلى أكثر من 10 آلاف فرد، من بينهم نساء وأطفال.
وجاءت المذبحة انتقاما من "الثورة" التي اندلعت ضد القرمانلي، ورفض سكان الجوازي دفع الضرائب المفروضة عليهم.
وما يزال سكان ليبيا يحيون كل سنة ذكرى "مذبحة الجوازي"، التي أدت أيضا إلى مغادرة عدد من سكان القبيلة البلاد، وتوجههم صوب دول مجاورة، مثل مصر والجزائر وتونس والسودان.
ويتوجه الليبيون، في كل ذكرى، بنداءات للمنظمات الدولية، لمطالبة تركيا بالاعتراف بالمذبحة، والاعتذار للقبيلة والحصول على حقوق الضحايا المعنوية والمادية.