يرى مراقبون استطلع موقع "سكاي نيوز عربية" آراءهم حول تصريحات أبدى فيها وزير المالية السوداني تفاؤلا بشأن إمكانية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أن الأمر يتطلب إجراءات عاجلة وصارمة يأتي في مقدمتها تخليص مؤسسات الدولة من بقايا نظام الإخوان وفك الارتباط نهائيا مع التنظيم العالمي للإخوان.
واعتبر المراقبون أن تخليص مؤسسات الدولة السودانية من بقايا تنظيم الإخوان وتعديل القوانين التي وضعها نظام البشير، وقتل بؤر الفساد وتحييد منابر المساجد من الخطاب المتطرف هي أولى وأهم الخطوات اللازمة للدفع نحو تخليص البلاد من هذا الكابوس الذي أشان سمعة السودان وأفقد الاقتصاد مئات المليارات من الدولارات.
وأشار المراقبون إلى أن المجتمع الدولي يدرك جيدا أن الشعب السوداني لا ذنب له فيما حدث، وإنما كان الأمر في مجمله من صناعة الإخوان الذين كان يرعاهم نظام المعزول عمر البشير.
ولخص من شملهم الاستطلاع الدوافع التي تم الاستناد إليها في وضع السودان في هذه القائمة سيئة السمعة، التي تضم "دول مارقة" مثل إيران وكوريا الشمالية، في إيواء إسامة بن لادن والعديد من قادة التنظيم الإخواني الذين ورطوا السودان في عمليات منها محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك.
مسألة وقت
وكان وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي قال في تصريحات لرويترز إنه يعتقد أنها "مسألة وقت فقط" قبل أن يجري رفع اسم بلاده من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وأوضح البدوي أن الإدراج بالقائمة شل قدرة الحكومة الانتقالية على تدبير التمويل من صندوق النقد والبنك الدوليين.
وأكد أن الحكومة تعمل على معالجة المخاوف الأمنية وتتخذ خطوات لتعزيز الإيرادات المحلية عبر إغلاق الثغرات الضريبية والتخلص من اقتصاد ظل كبير.
وأكد أنه متحمس تماما بعد المناقشات التي أجراها مع المسؤولين والنواب الأميركيين بشأن رفع السودان من القائمة.
وقال الوزير "أشعر أن الأمور تتحرك. لا أستطيع أن أحدد تاريخا محددا لكنني أشعر بثقة تامة في أنها مسألة وقت فقط".
ومن جانبه قال المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث "نريد أن نتأكد من عدم استمرار المشكلة التي نراها، وهذا يعتمد على المدة التي سيستغرقها السودانيون للقيام بذلك"، لكنه لم يحدد جدولا زمنيا لذلك.
دوافع معروفة
من جهة أخرى، يقول الهادي الأمين المتخصص في دراسات الإرهاب والتطرف إن تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب في منتصف عقد التسعينات كانت له أسباب ودوافع معروفة للجميع تتمثل في أن نظام البشير سن سياسة رحب بمقتضاها بالعناصر الاسلامية الراديكالية، وكذلك المطلوبين دوليا من قبل حكومات بلدانهم والمقاتلين الفارين من العدالة والملاحقين المتورطين في عمليات إرهابية.
واستقبلت الخرطوم أسامة بن لادن ومرافقيه المتطرفين وأوت المئات من الإرهابيين حول العالم وأصبحت وقتها الملاذ الآمن والحاضن لهؤلاء المتطرفين من جنسيات أسيوية وافريقية.
ويشير الأمين إلى تحول السودان أيام حكم الإخوان إلى دولة مقر للإرهابيين وكذلك ممر لبلدان أخري كالصومال، إضافة لإقامته علاقات مريبة مع طهران وحزب الله وحركة حماس، و الفصائل المتطرف في عدد من البلدان، فكل هذه الخطوات كانت مهددا للأمن والسلام على المستوي المحلي والاقليمي والعالمي.
الأمر الذي شكل تهديدا مباشرا للمصالح الأسرة الدولية وقبل كل ذلك لدول الجوار خاصة مصر والسعودية. على حد تعبير الأمين.
ويربط الأمين بين إمكانية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ونجاح الجهود المحلية التي تسعى لتفكيك المنظومات الإخوانية بكافة أفرعها التنظيمية والاقتصادية.
حشد الإخوان
وفقا للواء ركن أمين إسماعيل الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي فإن سلوك نظام الانقاذ السابق ورط السودان في هذا المأزق حيث عمل على حشد المعارضات في الدول العربية تحت مسمى المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في بداية تسعينيات القرن الماضي.
ثم جاءت حادثة محاولة اغتيال الرئيس مبارك في اديس أبابا عام 1995 لتلقي ظلالا قاتمة على علاقة السودان بالمجتمع الدولي.
وكانت لعلاقات نظام الانقاذ مع إيران وكوريا الشمالية أثر كبير في إصدار الإدارة الأميركية قرارات تنفيذية بفرض حصار اقتصادي على السودان في العام 1997، وإدراجه ضمن لائحة الدول الراعية للإرهاب.
ويقول إسماعيل إن السودان خسر كثيرا من هذا الادراج بالمقاطعة الاقتصادية ومنع التعامل مع المؤسسات المالية العالمية والاقليمية، إضافة إلى إضعاف موقفه في محادثات السلام التي أدت لانفصال الجنوب، وما تبعها من تداعيات اقتصادية تمثلت أبرز ملامحها في الانخفاض الدراماتيكي في قيمة الجنية السوداني، وارتفاع معدل التضخم وتردي الخدمات والبنيات الاساسية.
ويلخص الخطوات التي يمكن أن تمهد الطريق للخروج من المأزق في التخلص من تبعات الإخوان ووقف الحرب واحلال السلام والانتقال إلى الحكم المدني وإزالة المظاهر العسكرية ولتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
ويشدد إسماعيل على ضرورة إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وقطع العلاقات مع النظيم العالمي للاخوان المسلمين.
اتهامات وسلوكيات
وفي ذات السياق، يذهب الشيخ حسن الخبير القانوني والمستشار لدى منظمات الدولية، إلى أن وضع السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب اتهامات أشارت إلى خروج متفجرات من السفارة السودانية في واشنطن قبيل تفجيرات الحادي عشر من ديسمبر 2001، إضافة إلى سلوكيات عديدة ارتكبها نظام الإخوان منذ تسلمه الحكم في 1989.
ويشير حسن إلى دفع السودان ثمنا غاليا جراء ذلك الإدراج وما تبعه من حصار اقتصادي منعت بموجبه الصناديق الإقليمية والعالمية من الاستثمار في السودان.
وأوقفت قروض البنك الدولي والصناديق الموازية والتحويلات المصرفية، مما أعاق استعادة عائدات الصادرات عبر البنوك العالمية.
ويؤكد حسن أن السودان مطالب بتقديم حزم إجرائية تؤكد صدقيته في مكافحة الفساد بالعمل علي تصفية المؤسسات المرتبطة بالإرهاب كجهاز الأمن و الدفاع الشعبي والأمن الشعبي وكتائب الطلاب المرتبطة بتنظيم الإخوان وصندوق دعم الطلاب وجامعة أفريقيا العالمية وكل المؤسسات الموازية المرتبطة بالنظام السابق والعمل علي تصفية جميع مؤسسات الدولة من عناصر النظام السابق.