بدأ رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك نشاطه الخارجي بجولة زار فيها عددا من العواصم الإقليمية، قبل أن يتوجه إلى نيويورك التي ألقى فيها خطاب السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غيبة طويلة عن هذا المنبر الدولي بسبب العزلة الطويلة التي عاشها السودان خلال العقود الثلاثة الماضية بفعل تصرفات نظام الإخوان المعزول.
وتواصلت الجولة لتشمل العاصمة الفرنسية باريس ذات الثقل الدبلوماسي في أوروبا.
وأكد مراقبون ومحللون سياسيون لـ"سكاي نيوز عربية" على أهمية الجولة وانعكاساتها الإيجابية على علاقات السودان الخارجية، نظرا للزخم الكبير الذي حظيت به، باعتبار أنها تشكل البداية الصحيحة لإصلاح العطب الدبلوماسي، والانطلاق نحو تأسيس علاقات خارجية مبنية على التعاون الإيجابي والاحترام المتبادل والعيش ضمن مجتمع دولي تلتقي أجندته حول تطلعات السلام والأمن ومحاربة الإرهاب والتبادل الاقتصادي الذي يخدم الشعوب.
فرصة سانحة
يشير خالد عمر، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني والقيادي في قوى الحرية والتغيير، إلى أن زيارة حمدوك مؤخرا إلى الولايات المتحدة وزيارته لفرنسا ستؤسس لبداية عهد جديد لعلاقات السودان الخارجية، بعد أن عاش عزلة طويلة في عهد النظام السابق.
لكن عمر يرى أن مسألة فك العزلة مسألة معقدة وترتبط بملفات متشابكة ولكن يجب البدء فورا في معالجة تلك الملفات والاستفادة من الزخم الدولي الداعم للسودان في هذه المرحلة.
وعبر، خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، عن اعتقاده بأن قوة الدفع التي خلقتها هذه الثورة كفيلة بأن تعالج كثيرا من المشكلات التي تمر بها البلاد حاليا وعلى رأسها ملف العلاقات الخارجية، الذي انعكس سلبا علي السودان في عدد من النواحي، منها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والبعض الآخر بالمسائل السياسية، إضافة إلى القضايا الداخلية التي ترتبط حلولها بالتعامل مع التعقيدات الإقليمية والدولية.
وأكد عمر ثقته في قدرة الحكومة على ترتيب الأولويات بشكل صحيح، وعلى أن تتعامل مع هذه الملفات المعقدة بشكل جيد.
وشدد على الدور الحساس والمحوري الذي يقع على عاتق الدبلوماسية السودانية في الفترة الحالية، نظرا للتخريب الكبير الذي أحدثه النظام السابق في السلك الدبلوماسي عبر سياسات التمكين.
ويقول القيادي إنه من الضروري أن تعمل الدبلوماسية السودانية على إصلاح الجهاز الدبلوماسي وإرجاعه لوضعه الطبيعي كجهاز مهني وقومي محترف، قادر على المساهمة الإيجابية في التعامل مع الملفات السياسيه الشائكة التي تواجه البلاد خارجيا.
عودة موفقة
من جانبه، يقول أشرف عبدالعزيز، رئيس تحرير صحيفة "الجريدة"، إن الجولة تعتبر قياسية كونها شكلت أول مشاركة رفيعة المستوى للسودان بعد غيبة طويلة.
ويشير عبدالعزيز، لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى البعد الدبلوماسي والرمزي الذي حملته الجولة والاهتمام الذي حظي به خطاب حمدوك أمام الأمم المتحدة، كونه يحدد رؤية السودان الجديدة لعلاقاته مع العالم الخارجي.
كما أكد على نجاح حمدوك في حشد الدعم الدولي من خلال اللقاءات المكثفة التي عقدها مع عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات، إضافة إلى مسؤولين كبار في المنظمات والهيئات الدولية.
ووفقا لعبدالعزيز، فإن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدا من الجهد الدبلوماسي من أجل تأطير الدعم الدولي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية.
عهد جديد
أما الصحفي والمحلل السياسي، مأمون الباقر، فيقول إن الجولة سيكون لها ما بعدها كونها تؤسس لاستعادة مكانة السودان في المجتمع الدولي.
ويرى الباقر أن غياب السودان لفترة طويلة عن الساحة الدولية كان نتاجا للسياسات الخاطئة التي انتهجها نظام الإخوان، لكنه يشير إلى أن الفرصة باتت سانحة أمام السودان للعودة للاندماج السياسي والاقتصادي مع العالم بشكل عام والمحيط الإقليمي على وجه الخصوص وهو ما سيساعد في إنجاح جهود السلام والتنمية، وجذب المزيد من الاستثمارات والاستفادة من الفرص الاقتصادية الضائعة.