قبل ساعات من دخول تونس مرحلة الصمت الانتخابي، تنوعت حفلات ختام الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة التونسية في طريقة تنظيمها والرسائل التي أرادوا إيصالها للناخبين، لتخرج إشارات متناقضة من صخب الحفلات.
فعلى امتداد شارع الحبيب بورقيبة الأشهر في العاصمة التونسية، الذي شهد إعلان إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وضعت منصات ضخمة لثلاثة مترشحين يقفون على طرفي النقيض في الحياة السياسية، لكن جمعتهم الرغبة في استغلال رمزية المكان وبعض الأشخاص أيضا.
وعلى وقع أغنية "Pump It Up" (ضخها) الراقصة، بدأ حفل ختام مرشح حركة النهضة الإخوانية عبد الفتاح مورو، في مشهد متناقض، اعتبره المحلل السياسي خالد عبيد "محاولة متكررة للإيحاء بأن الحركة متحررة"، لكن التنظيم الذي يواجه اتهامات بتبني أجندة متشددة لا يزال يشكل هاجسا كبيرا للتونسيين.
ويقول عبيد لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، فما تقوم به النهضة لا فائدة منه ولن يأتي بالنتائج الملموسة".
وعلى بعد أمتار كانت حملة المترشح عن حزب ائتلاف الجبهة الشعبية حمة الهمامي، وهو شيوعي، تستغل أغنية " chi Gevara"، نسبة إلى المناضل الشيوعي في أميركا اللاتينية تشي جيفارا، بينما كانت شاشة العرض الضخمة تبث صورا للقيادي الراحل شكري بلعيد الذي اغتيل في حادث إرهابي وجهت فيه أصابع اللوم السياسي إلى حركة النهضة "المجاورة".
وفي ذات المكان، كان أنصار المترشح عن حزب الجبهة الشعبية، اليساري منجي الرحوي، يستمعون لأغان تونسية وأشعار، بينما استعانت الحملة بمسيرة صغيرة لـ"أهالي شهداء الثورة" وارتفعت صور شكري بلعيد ومحمد البراهمي بين الحشود.
ويقول عبيد إن كل طرف يريد أن يكتب لنفسه شرعية عبر الالتحاف برمزية شارع الحبيب بورقيبة، لكن ما يلفت الانتباه هو " اتفاق اليمين المتشدد واليسار التقدمي على نفس المكان ونفس التوقيت، وهذا في حد ذاته يثير التساؤل".
وبدأت حفلات ختام المرشحين الثلاثة في الرابعة من عصر الجمعة، وهو يوم عمل طبيعي، فيما أدى إغلاق الشوارع لتأمين المكان إلى ازدحام مروري كبير.
الزبيدي وحفلا ختام
أمام القبة الأولمبية في المدينة الرياضية نصب مسرح يحمل شاشة ضخمة تبث فيديوهات وصور المرشح المستقل وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي، بينما تسمع موسيقى منتظمة في الخلفية.
وأدت الإجراءات التنظيمية في المكان وحرص الحملة على توفير عدد ضخم من المقاعد، في منطقة تحتوي على ساحات انتظار واسعة للسيارات، إلى عدم التأثير على حركة المرور في الشارع العام.
وتقول صابرين (45 عاما)، وهي واحدة من أنصار المرشح ومتطوعة في حملته، إنها اختارت المشاركة في هذه الحملة لأن "الزبيدي رجل شغل وقليل الكلام، وأنقذ تونس. سأصوت له لاسترجاع البلاد من الإخوان لأننا ذقنا المر".
وعلى نفس المنوال كان الحفل الختامي الثاني لنفس المرشح في مدينة صفاقس، ثاني أكبر مدن تونس في الكثافة السكانية والعاصمة الاقتصادية للبلاد، ليتميز الزبيدي عن باقي المرشحين بإقامة حفلي ختام.
ويعتبر عبيد أن اختيار الزبيدي للقبة الأولمبية في العاصمة التونسية يرسل إشارات بمدى الانضباط والنظام، بالإضافة إلى رمزية المكان الذي حشد فيه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الآلاف من مناصريه في حملته الرئاسية، قبل أن يفوز بانتخابات 2014.
وأقام رئيس الوزراء يوسف الشاهد المرشح عن حزب "تحيا تونس" منطقة شوفانة في العاصمة، في الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية.
وبحسب عبيد، فإن اختيار الشاهد لهذه المنطقة الفقيرة "محاولة للرد على انتقادات وجهت له بأنه غير معني بالفقراء".
وبينما اختار المرشح عن حزب قلب تونس نبيل القروي الذي يقبع في السجن، أن يختتم حملته التي تقودها زوجته في منطقة "تي جي إم" التي تحتوي على مكان مهيأ لاستقبال عدد كبير من الأنصار، عادت المرشحة عن الحزب الدستوري الحر عبير موسى إلى أصولها العائلية في ولاية باجة.
ويقول المحلل السياسي إن حرص غالبية المرشحين على إقامة الحفلات الختامية لحملاتهم الانتخابية داخل العاصمة، يؤكد أنها مركز الثقل الانتخابي والخزان الرئيسي للأصوات.
وتدخل تونس حيز الصمت الانتخابي منتصف ليل الجمعة، حيث سيحظر على المرشحين تنظيم أي دعاية انتخابية أو الإدلاء هم ووكلائهم بأي تصريحات إعلامية.