مع تصاعد وتيرة المعارك في إدلب، بات الانتشار العسكري التركي في سوريا يخضع لشروط وقيود جديدة، وذلك في ظل تأكيد روسيا استمرار دعمها لما وصفته بجهود الجيش السوري في مكافحة "الإرهاب" في البلاد.
وحاصرت القوات الحكومية السورية أبعد نقطة مراقبة تركية داخل الأراضي السورية، الواقعة في مورك شمالي محافظة حماة، إثر السيطرة على مدينة خان شيخون والقرى والبلدات المحيطة بها.
وقبل ذلك بأيام، قصفت طائرات الجيش السوري وأخرى روسية، طليعة قافلة عسكرية كبيرة أرسلتها أنقرة إلى إدلب، ولا تزال في مكانها منذ ذلك الحين.
ويبدو أن روسيا ستطلب تغيير خارطة انتشار القوات التركية في سوريا، لأنه لم يعد هناك حاجة لبعضها بعد تغيير خطوط المواجهة العسكرية بين الحكومة والمعارضة، وفقا لتقرير صحيفة "أحوال" التركية.
مصير مجهول
ويرى مراقبون أن أنقرة مسؤولة عما يجري على الأرض بسبب استمرار سيطرة "هيئة تحرير الشام" على 90 بالمئة من محافظة إدلب رغم أن الاتفاق بين روسيا وتركيا كان ينص على نزع سلاح الجماعة وإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل القوات الحكومية وقوات المعارضة.
وكان بوتن قد أعلن في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن الجماعات "الإرهابية" كانت تسيطر على 50 بالمئة من محافظة إدلب العام الفائت وأصبحت تسيطر على 90 بالمئة في الوقت الراهن بسبب إخفاق تركيا في طرد تلك الجماعات.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "إذا واصل الإرهابيون هجماتهم انطلاقا من تلك المنطقة على الجيش السوري والمدنيين وقاعدة حميميم الجوية الروسية، فإنهم سيواجهون ردا حازما وقاسيا".
واضاف: "الجيش التركي أنشأ عددا من نقاط المراقبة في إدلب وكانت هناك آمال معقودة على أن وجود العسكريين الأتراك هناك سيحول دون شن الإرهابيين هجمات، لكن ذلك لم يحدث".
أردوغان يتحرك
من جانبه، سارع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى زيارة موسكو للقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتن، بهدف إيجاد مخرج لتركيا يحفظ ماء وجهها.
واعترف أردوغان بأن الجنود الأتراك المنتشرين قرب إدلب السورية باتوا "في خطر"، بسبب تعقد الوضع العسكري في المنطقة.
وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع بوتن، الثلاثاء، إن أنقرة "ستتخذ كل الخطوات الضرورية" لحماية قواتها المنتشرة في منطقة إدلب.
وتابع أن "الوضع تعقد في شكل كبير إلى درجة بات جنودنا حاليا في خطر. لا نريد أن يستمر ذلك. سنتخذ كل الخطوات الضرورية لحمايتهم".
نقاط المراقبة
وكانت تركيا بدأت في نوفمبر 2017 إقامة نقاط المراقبة في إدلب في إطار اتفاق أبرمته مع روسيا وإيران في أستانة عاصمة كازاخستان في سبتمبر 2017.
وأقامت تركيا 12 نقطة مراقبة داخل محافظات إدلب وحماة وحلب بالاتفاق مع الجانب الروسي والإيراني بهدف تطبيق ما يعرف باتفاق خفض التصعيد في المناطق، التي كانت تفصل بين القوات الحكومية السورية والمعارضة.
وعززت تركيا لاحقا هذه النقاط، التي تحولت إلى ما يشبه قواعد عسكرية حقيقية داخل الأراضي السورية مثل تلك الواقعة قرب بلدة مورك وسط سوريا والتي تضم مئات الجنود وتقع على بعد 88 كيلومترا عن الحدود التركية.
كما تحتفظ تركيا بعدد من القواعد العسكرية في مناطق الباب وجرابلس وأعزاز وعفرين، وهي مناطق خاضعة كليا للسيطرة التركية.
ولا توجد أعداد دقيقة لعدد القوات التركية في سوريا، خاصة وأن الحدود السورية مفتوحة للجيش التركي في مناطق كثيرة والقوافل العسكرية التركية تدخل وتخرج بكل الحرية.