مع اقتراب انتهاء مهلة تقديم المرشحين لانتخابات الرئاسة الجزائرية لملفاتهم للمجلس الدستوري، السبت، يواصل الحراك الشعبي مطالبته بتأجيل الانتخابات المزمع إجراؤها في الرابع من يوليو المقبل.
ولم تعلن وزارة الداخلية الجزائرية حتى الآن أسماء الذين قدموا ملفات ترشحهم للمجلس الدستوري، باستثناء قائمة الذين سحبوا استمارات الترشح في وقت سابق، وتضم أكثر من 70 شخصا وليس بينهم شخصيات سياسية بارزة.
وقرر رئيس حزب "جبهة المستقبل"، عبد العزيز بلعيد، السبت، عدم إيداع ملف الترشح للانتخابات بحسب بيان للحزب، عقب اجتماع مكتبه الوطني.
وأرجع الحزب سبب تراجعه عن الترشح، إلى "حالة الغموض والجمود الذي يسود ويدفع إلى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المرحلة المهمة، وعدم تنصيب اللجنة المستقلة المطلوبة لتنظيم الانتخابات، وغياب الحوار الذي نادت به مؤسسة الجيش".
وينقسم الشارع الجزائري بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، بين فريق مؤيد يرى ضرورة إجرائها في موعدها تخوفا من "الفراغ الدستوري" عقب انتهاء فترة الرئيس المؤقت يوم التاسع من يوليو المقبل، وهو ما دعا إليه رئيس أركان الجيش الجزائري، وآخر معارض يعتقد أنها لن تثمر سوى عن رئيس لا يحظى بدعم الشعب.
إلا أن رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، أعاد التأكيد، الاثنين، على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مطالبا بالإسراع في تشكيل الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات.
وقال: "إجراء الانتخابات يجنب الوقوع في الفراغ الدستوري ويضع حدا لمن يريد إطالة الأزمة، (...)، من الضروري الإسراع بتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات".
ويرفض نشطاء الحراك الاحتجاجي طرح صالح، مطالبين بتأجيل الانتخابات التي يرونها غير ممكنة لعدة أسباب، وهو ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية رضوان بوهيدل في حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية".
وقال بوهديل: "إن الإصرار على إجراء الانتخابات في 4 يوليو مجرد خطاب سياسي، إلا أن الأمر غير قابل للتحقيق من الناحية السياسية والتقنية، فضلا عن الرفض الشعبي، الذي يعد أهم نقطة في القضية".
وفيما يتعلق بمسألة التخوف من الفراغ الدستوري، يطرح البعض فكرة المزاوجة بين الحلين السياسي والدستوري، من خلال إجراء إعلان دستوري يتم بموجبه التوافق على شخصيات تحظى بمصداقية لدى الشارع، تشرف على مرحلة انتقالية قصيرة، بما فيها التحضير لانتخابات رئاسية، وهو حل يراه البعض "وسطا" بين المتخوفين من الفراغ الدستوري وبين المطالبين بفترة انتقالية وتأجيل الانتخابات.
وتعليقا على هذه النقطة، أوضح بوهيدل أن السلطة واعية هي تريد لعب كل الأوراق الدستورية أمام الرأي العام والعالمي قبل الانتقال لمراحل أخرى بما فيها ربما إعلان دستوري يصدره المجلس بعد انتهاء المهلة الرسمية لتقديم ملفات الترشح، مشددا على أهمية طمأنينة الحراك بشأن تلبية مطالبه.
وبحسب بوهيدل، فإن تأجيل الانتخابات "لن يحل مشكلة الحراك"، التي لديها مطالب أخرى تتمثل برحيل المشرفين على الانتخابات ورموز النظام القديم، وتشكيل لجنة محايدة تعطى لها صلاحيات واسعة.
وتنحى الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، عن منصبه مطلع أبريل، تحت ضغط من الشارع والجيش، وتولى عبد القادر بن صالح مهام الرئاسة بشكل مؤقت.
وكان بن صالح (77 عاما) يشغل قبل ذلك منصب رئيس مجلس الأمة، وكان قد بدأ حياته البرلمانية في سبعينيات القرن الماضي.
ووفقا للدستور، سيتولى بن صالح بصفته رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، رئاسة البلاد مؤقتا خلال فترة 90 يوما، لحين إجراء انتخابات رئاسية.
وأعلن نادي قضاة الجزائر، في أبريل، أنه لن يشرف على الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما سبق أن أشار أكثر من ألف قاض، في الحادي عشر من مارس، أنهم سيرفضون الإشراف على الانتخابات الرئاسية في البلاد إذا شارك فيها بوتفليقة.
مطالب بالتأجيل وإزاحة النخبة الحاكمة
ونزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في العاصمة الجزائرية ومدن أخرى الجمعة، مطالبين بتأجيل الانتخابات الرئاسية.
وقال مصدر سياسي لـ"رويترز" إن من المتوقع أن تمدد الحكومة المؤقتة الفترة الانتقالية الحالية للسماح بوقت أطول للتحضير للانتخابات.
وطالب المتظاهرون بتنفيذ إصلاحات سياسية والإطاحة بكل المسؤولين الذين كانوا جزءا من النخبة الحاكمة في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا في 1962، إلى جانب الدعوة لاستقالة المسؤولين الانتقاليين المعنيين بالإشراف على التصويت، بما يشمل الرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وردد محتجون يتشحون بالأعلام الجزائرية هتافات تقول "لا.. لانتخابات الرابع من يوليو" وذلك خلال مسيرة في وسط الجزائر العاصمة، وحمل العديد منهم لافتات تطالب برحيل بن صالح وبدوي.