في ساحة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم، يتسابق الجميع في اظهار حبهم للوطن وفخرهم بالحراك الشعبي والاحتفاء بأدبياته من كلمات وأشعار ومنتوج بصري وفني.
وسجل التشكيليون السودانيون حضورا لافتا من خلال أعمالهم الفنية التي تضج بها ساحة الاعتصام الذي نجح قبل أيام في دفع الجيش إلى عزل الرئيس عمر البشير، قبل نقله إلى سجن كوبر.
وعند مداخل باحة الاعتصام تقابلك شعارات الحرية والتغيير، وجدار يحمل توقيع فنانين بلوحات غرافيتي عملاقة، بالإضافة إلى "بورتريهات" لضحايا التظاهرات الذين سقطوا برصاص الأمن.
وتتراوح اللوحات بين الاحترافية والهواية وبين الأفكار الشخصية، التي تعبر عما يحدث في السودان من خلال رؤية الفنان وبين التوثيق الحرفي ليوميات الحراك.
مصعب كمبال، أحد الفنانين التشكيليين الذين التقاهم موقع "سكاي نيوز عربية" داخل الاعتصام، وكانت لوحته تجسد مجموعة من "الكيزان"، وهي أكواب ماء معدنية يلقب بها الأخوان في السودان.
وحملت لوحته رؤس بشرية في هيئة كيزان ومحاطة بالقيود، وشرح كمبال دلالات اللوحة قائلا إن الكوز في الشخصية السودانية لم يعد فقط "الشخص الملتحي الذي يلبس بطريقة معنية؛ أو ينمتي لجهة سياسية بعينها، وانما (الكوزنة) أصبحت سلوك.. فالفاسد كوز والذي ظهرت عليه ملامح الثراء فجأة كوز والمتحرش كوز".
وبحسب مصعب، فإن "الكوز هو حالة تعبر عن الفساد في كل شيء في الأخلاق في المزاج العام؛ والقيود هي محاولة للسيطرة على هذا الفساد المستشري".
من جانبه، أكد أحمد جلال أن مشاركة الرسامين في هذا المشهد الوطني الكبير هو واجب على الجميع؛ مشيرا إلى أن الرسومات بالرغم من المجهود الذي يبذل فيها إلى أنها وبمجرد أن تكتمل تصبح أسهل طريقة لإيصال الفكرة وهنا تكمن عظمة الفن وانفعاله بالقضايا على حد تعبيره.
سهام عبد الجليل "أمونة" تقول إن الفن أصدق مرآة يمكن من خلالها قراءة أي مشهد، وقد تضفي عليه شكل من التثقيف والتهذيب وقد تلبسه أيضا السخرية أو الحزن.
وتضيف أن الفن في رأيها أداة طيعة لإيصال الأفكار والتعبير عنها بطرق مغايرة.
وأشارت سهام، في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى دور المرأة السودانية في هذا الحراك، قائلة إن "التشكيلية أيضاً قادرة من خلال أدواتها أن تضع بصمة واضحة فيما يحدث".