كشف مستشار الرئيس الأميركي ومبعوثه للشرق الأوسط، جاريد كوشنر، في لقاء خاص مع "سكاي نيوز عربية"، عن أبرز مبادئ خطة السلام الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، مبينا أنها تركز على "الحرية والاحترام".
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
- ما الغرض من زيارة الإمارات العربية المتحدة، وما النتائج التي حققتموها حتى الآن؟
شكرا. بدأنا زيارتنا للتو. فقد وصلنا إلى أبوظبي يوم أمس وسنزور 6 دول خلال هذه الجولة، ويسرني للغاية أن أكون موجودا هنا اليوم.
فيما يتعلق بأهداف هذه الزيارة، نعمل على مبادرة السلام منذ عامين ونستعد لتقديم هذه الخطة، وخلال عملنا في العامين المنصرمين، أمضينا وقتا طويلاً في استشارة الجهات المعنية في المنطقة وحصلنا على الكثير من النصائح الجيدة واستمعنا إلى وجهات نظر مختلف الدول.
وفيما نواصل جهودنا، نود الاستماع إلى نصائح بشأن أفضل طريقة للمضي قدما، كما نود مشاركتهم بعض التفاصيل بشأن ما نتطلع لتحقيقه، لاسيما في ما يتعلق بالرؤية الاقتصادية والفرص التي ستتوفر عندما يحل السلام، فكل النزاعات تحرم الناس من فرص ممارسة التجارة وتحسين حياتهم.
- يكثر الحديث بشأن خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتثير كثير من الاهتمام في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، ما هي تفاصيل هذه الخطة التي يتحدث عنها الجميع؟
تمكنا من الحفاظ على سرية الكثير من تفاصيل هذه الخطة، وبرأيي، هذا أمر بناء جدا. في المفاوضات السابقة التي قمنا بدراستها، وجدنا أن التفاصيل كانت تخرج قبل نضوجها، مما يدفع السياسيين إلى الهروب من الخطة.
الوضع الذي يتم التفاوض بشأنه لم يتغير كثيرا خلال الـ25 الأخيرة. وما حاولنا فعله هو صياغة حلول تكون واقعية وعادلة لهذه القضايا في عام 2019 من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل.
وكان تركيزنا على 4 مبادئ في الخطة. المبدأ الأول هو الحرية. نريد أن ينعم الناس بالحرية، حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام. نريد أن تكون كرامة الناس مصانة وأن يحترموا بعضهم البعض ويستفيدوا من الفرص المتاحة لتحسين حياتهم من دون السماح لنزاعات الأجداد باختطاف مستقبل أطفالهم. وأخيرا، الأمن. فنحن هنا في أبوظبي حيث هناك نمو كبير ومبان شاهقة كثيرة والتجارة مزدهرة. لكن من دون الأمن، ما كان الناس ليستثمروا هنا ويعيشوا هنا ويتمتعوا بهذا التطور والفرص المتاحة لهم.
- ولكن إذا كانت الأمور لم تتغير على مدى 22 سنة كما أشرت، ما هي المعايير والأسس التي تقوم عليها الخطة؟ فإذا أخذنا في الاعتبار أوسلو أو مبادرة السلام العربية أو تفاهمات طابا. أين تتقاطع معها وأين تختلف؟
نظرنا في مختلف المبادرات التي تمت إطلاقها خلال السنوات الماضية وكانت هناك الكثير من المحاولات الجيدة في هذا الصدد، لكن للأسف تعذر حل هذه القضية ولم نتمكن من إقناع الشعبين بتقديم تنازلات.
لذلك، لم نركز كثيرا على القضايا رغم تعمقنا فيها، بل على ما يمنع الشعب الفلسطيني من الاستفادة من قدراته الكاملة وما يمنع الشعب الإسرائيلي من الاندماج بشكل ملائم في المنطقة بأكملها.
وإذا نظرنا إلى المنطقة برمتها اليوم، نرى أن هناك الكثير من الفرص، التهديدات الكبيرة في المقابل. ومن خلال جمع مختلف الأطراف، نأمل في التوصل إلى مقاربة جديدة.
تطرقتِ إلى أوسلو، وبعض الجهود السابقة. ونحن حاولنا قدر الإمكان البناء عليها ودرسنا مسارات التفاوض والقضايا المختلفة. وما نسعى إليه هو التوصل إلى خطة تكون جد مفصلة ومعمقة وتعرض على الناس ما نعتقد أنه أفضل نتيجة في هذا العصر وتمكنهم من وضع الخلافات السابقة جانبا والمضي قدما والتطلع إلى مستقبل مزدهر ومشرق.
- ما يطرحه العديد من المتابعين، لاسيما في المنطقة العربية. كيف تتعاطون مع قضايا الحل النهائي في هذه المقترحات؟
كل ذلك سيتضح عندما تخرج التفاصيل للعلن، وأعتذر عن عدم الإفصاح عن تفاصيل إضافية اليوم. لكنها معمقة وقضايا الوضع النهائي مهمة للغاية. لكن لم يتم التوصل إلى حل لها لفترة طويلة. إذ هناك الموقف الإسرائيلي من جهة والموقف الفلسطيني من جهة أخرى وعلى الحل أن يكون وسطا بينهما.
وما نقترحه يمنح الطرفين أكثر بكثير مما يقدمانه وعلى الطرفين تقديم تنازلات لكن العائد أكثر بكثير من هذه التنازلات، وخطتنا ستعالج قضايا الوضع النهائي.
- كل التقارير عن زيارتكم وجولتكم بأنكم ستركزون هذه المرة على الجانب أو الشق الاقتصادي، كيف ستكون الآثار الاقتصادية على الجانب الفلسطيني والإسرائيلي لهذه الخطة؟
لا أعتقد أن الأثر الاقتصادي للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان.
الخطة السياسية مفصلة جدا وتركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائي. لكن الهدف من حل قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود.
وإذا ما تمكنا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيدا عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة.
فقد قمنا بدراسة الكثير من الاقتصاديات، التي حققت نموا كبيرا خلال القرن الماضي، مثل سنغافورة واليابان وبولندا، وكلها بلدان استفادت من الفرص من خلال وضع قواعد جديدة لاقتصاداتهم، مما سمح بنشوء أسواق جديدة من خلال استثمارات مركزية في مجالات مختلفة.
وسيكمن الهدف في التركيز على تطوير البنية التحتية والقوانين وتوفير التدريب من أجل إيجاد فرص جديدة وضمان الازدهار في المنطقة.
إذا، سنركز خلال هذه الجولة على الاستماع إلى وجهات النظر بشأن ذلك. لأنه لا يمكن حل قضية يتنازع فيها شعبان منذ 70 عاما أو أكثر ونتوقع أن يصبحوا أصدقاء بين ليلة وضحاها عندما يتم حل قضايا الوضع النهائي. نأمل أن تعطي هذه الخطة الاقتصادية للناس ما يتطلعون إليه كي تتبلور أمامنا الصفحة الجديدة.
- هذه الجوانب الاقتصادية، إلى أي مدى هي مرتبطة بالتقدم في الشق السياسي؟
أعتقد أن المسارين الاقتصادي والسياسي مرتبطان ارتباطا وثيقا. رأينا خلال السنوات الماضية الكثير من الجهود الرامية إلى تحفيز الاقتصاد الفلسطيني، فيما كان الاقتصاد الإسرائيلي مزدهرا.
لكن الاقتصاد الفلسطيني كان مقيدا في ظل غياب السلام. وفي كل مرة كان يقع فيها هجوم إرهابي في الضفة الغربية، أكبر المتضررين كان المئة وستين ألف عامل الذين يجتازون الحدود كل يوم للعمل في إسرائيل ولا يريدون أن تتأثر حركتهم.
كما منعت الهجمات الإرهابية المنطلقة من غزة دخول العديد من العمال من غزة إلى إسرائيل حيث يعملون ويندمجون ويكسبون عيشهم.
وتأتي الهجمات الإرهابية لتعرقل كل ذلك. أعتقد أن الناس يرغبون برؤية هذه المشاكل تحل. فمن شأن ذلك أن يسمح بتحقيق نمو كبير في الضفة الغربية وغزة. لقد قمنا بدراسة الاقتصاد الفلسطيني ونرى أن هناك قدرات كبيرة. لكن من أجل تحقيق ذلك، لا بد من الحد من التوتر الموجود وتحديد الاستثمارات المناسبة. وما لمسناه هو أن القادة في المنطقة والعالم مهتمون كثيرا بالشعب الفلسطيني ويودون إيجاد سبل تسمح لهم بتحقيق ما كان بعيد المنال بالنسبة إليهم لوقت طويل.
- بما أنك أشرت إلى الضفة وقطاع غزة، كيف تتعاطون مع الأراضي الفلسطينية هنا. هل هي وحدة موحدة أم جانب منفصل؟
يوجد فصل جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن نود أن نراهما موحدين تحت قيادة واحدة. وقد كان هناك الكثير من المناقشات بين حماس وفتح. لكن أعتقد أن الشعب يريد حكومة غير فاسدة ويريد حكومة تدافع عن مصالحهم وتوفر لهم الفرص.
نأمل أنه إن تم التوصل إلى صفقة، سيتم جمعهما ضمن بنية حكومية واحدة تسمح للشعب الفلسطيني في أن يعيش الحياة التي يصبو إليها. لكن دعونا ننظر إلى الوضع الحالي في قطاع غزة. إنه سيئ للغاية، فالحكومة إرهابية وتضع عدائيتها ورغبتها في الدمار قبل رفاه الناس. وقد أصبح الشعب رهينة لحكومته. نأمل أن تقرر الحكومة الاهتمام بشعبها أو أن يتم تغيير هذه الحكومة من خلال المفاوضات مع فتح.
- هناك ربط بشكل أو بآخر ما بين خطة السلام المقترحة من الجانب الأميركي وبين مواجهة إيران في المنطقة بشكل عام، وأيضا التطرف المتنامي والإرهاب. كيف ستدعم هذه الخطة في مواجهة التطرف بجميع أشكاله؟
أعتقد أنه تم استغلال هذا النزاع لسنوات طويلة للتحريض على التطرف. فخلال السنوات السبعين المنصرمة، كان الموقف المناهض لإسرائيل العنصر الموحد للمنطقة لكن ما نلاحظه الآن هو أن من بين الأمور التي توحد الشعوب هي حب القادة لشعبهم ورغبتهم في أن يكون شعبهم قادرا على عيش حياة أفضل.
إذا نظرنا حاليا إلى التهديدات الكبيرة في المنطقة، نرى في الولايات المتحدة أن إيران تشكل أكبر تهديد في المنطقة. فحيثما نظرنا، رأينا انعدام استقرار وإرهاب وصواريخ، وكلها تأتي من إيران. فهي تعمل من خلال وكلائها وتمول الكثير من الميليشيات والإرهاب. ويؤدي ذلك إلى انعدام الاستقرار في المنطقة، ما يؤدي إلى زيادة عدد اللاجئين ويحد من الفرص الاقتصادية، وهذا مضر بالمنطقة.
- فيما يتعلق بخطة السلام، متى نتوقع الإعلان عنها. هل ستكون محتوياته مكوناتها إلزامية، أم ستكون خطة للبدء بها، وهل ستكون الولايات المتحدة الراعي الوحيد فيها؟
سننتظر حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل المقبل. عقدنا الكثير من المشاورات مع الإسرائيليين والفلسطينيين والعديد من القادة العرب والجهات التي كانت معنية بهذه القضية في الماضي. ونحن متحمسون لطرح أفكارنا لنرى إذا ما كان باستطاعة الأطراف النظر إلى هذا النزاع من منظور مختلف بعض الشيء للمضي قدما.
بالتالي، سننتظر حتى ما بعد الانتخابات. وعندما ننظر إلى المقاربات السابقة، مثل مبادرة السلام العربية وغيرها، نرى أنها موجودة منذ زمن طويل، لكنها لم تنجح في إحلال السلام. ونأمل أنه عندما تخرج هذه الخطة للعلن، سينظر إليها الناس من منظور جديد ويفكروا في عام 2019إن كانت حزمة التنازلات مناسبة للطرفين لترك الماضي وراءهما ومحاولة فتح صفحة جديدة تنعم فيها المنطقة بالأمل والفرص الهائلة.