تحتضن الإمارات على أرضها أكثر من 200 جنسية من مختلف دول العالم، وتسود المودة بين الجميع، في بلد يعد نموذجا رائدا بمجال التسامح والتعددية الثقافية والدينية.
وعملت الإمارات، منذ عهد المؤسس الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بخطوات ثابتة من أجل ترسيخ قيم التسامح، فاحتضنت دور العبادة المتنوعة حتى تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، وأقرت القوانين التي تجرّم الكراهية ونظمت المؤتمرات، وأعلنت وزارة متخصصة في التسامح.
عام التسامح
أعلن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في ديسمبر الماضي، أن عام 2019 سيكون "عاما للتسامح" في البلاد.
وأكد الشيخ خليفة بن زايد أن ذلك يرسخ دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، ويؤكد قيمة التسامح باعتبارها عملا مؤسسيا مستداما من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة خصوصا لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة.
واعتبر الرئيس الإماراتي أن عام التسامح هو امتداد لـ "عام زايد" كونه يحمل أسمى القيم التي عمل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على ترسيخها لدى أبناء الإمارات، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الإمارات "وام".
وأكد أن إعلان عام 2019 عاما للتسامح يعكس النهج الذي تبنته دولة الإمارات منذ تأسيسها في أن تكون جسر تواصل وتلاقي بين شعوب العالم وثقافاته في بيئة منفتحة وقائمة على الاحترام ونبذ التطرف وتقبل الآخر.
مسجد مريم أم عيسى
وتحتضن الإمارات عدة كنائس ومعابد تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، ومن الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها الدولة، توجيه ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإطلاق اسم مريم أم عيسى على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقه المشرف بأبوظبي.
وجاءت هذه الخطوة، وفق البوابة الرسمية لحكومة الإمارات العربية المتحدة، ترسيخا للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات، والتي حثنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية.
وأصبحت الإمارات شريكا أساسيا في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.
جوائز وقمم
وخصصت دولة الإمارات جوائز ومؤتمرات من أجل تعزيز قيم التسامح، لعل من أبرزها جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمية، التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة، وتتجلى فيها معاني التسامح والاعتدال، فضلا عن دورها في خلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة.
وإلى جانب ذلك، أطلقت القمة العالمية للتسامح في منتصف نوفمبر 2018، وتعد القمة أول حدث عالمي من نوعه يعالج قضايا التسامح والسلام والتعدد الثقافي بين البشر.
وتتطرق القمة إلى دور الحكومات في تعزيز قيم التسامح والتآخي، وتجارب التعايش، ودور وسائل التواصل، في بث الرسائل الاجتماعية، بما يكفل احترام التعددية الثقافية والدينية.
وزير التسامح
وجرى استحداث منصب وزير دولة للتسامح في فبراير 2016 أثناء إعلان التشكيل الوزاري الثاني عشر للحكومة الاتحادية.
وقال نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لدى الإعلان عن الوزارة الجديدة "لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها، أو يكون مواطنا فيها".
وأشار إلى أن ثقافة التسامح ليست وليدة اليوم في مجتمع دولة الإمارات، بل هي امتداد لثقافة سائدة في المنطقة منذ القدم.
مكافحة التمييز والكراهية
وفي سبيل تعزيز التسامح ونبذ الكراهية والتمييز، أقر رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في يوليو 2015، قانون مكافحة التمييز والكراهية.
ويهدف القانون إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أيا كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية، وفق البوابة الرسمية لحكومة الإمارات.
ويقضي القانون بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.
ولا يجوز، وفق القانون، الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير لإتيان أي قول أو عمل من شأنه التحريض على ازدراء الأديان أو المساس بها.
المعهد الدولي للتسامح
ومن المبادرات الإماراتية الرائدة في مجال تعزيز التسامح، إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن إنشاء "المعهد الدولي للتسامح"، كأول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ لقيم التسامح بين الشعوب، ويقوم بنشر الدراسات والتقارير المتعلقة بموضوع التسامح، والعمل مع المؤسسات الثقافية المعنية في العالم العربي لنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة.
وسيطلق المعهد أيضا مجموعة من الدراسات الاجتماعية للبحث في جذور التعصب والانغلاق والطائفية، كما سيعمل على دعم الباحثين العرب والمتخصصين العالميين في مجال التسامح.